عاجل_ اخبار الدار
الرئيسية / قسم الدعوة والدعاة / حب الصالحين من فرع الايمان الواجب

حب الصالحين من فرع الايمان الواجب

قال الشافعي – رحمه الله تعالى-:
                  أحب الصالحين ولست منهم لـعـلـي أنـال بـهـم شـفـاعــة
                 وأكره مـن تجارته المعـاصي ولو كلنا سواء في البضاعة
فمحبة الصالحين، والتودد إليهم من محبة الله -تعالى-؛ ذلك لأن المسلم الذي دخل الإيمان قلبه يحب أولئك الذين سبقوه إلى الطريق، وقد جرت عادة البشر على محبة من يشاكلهم في الأخلاق والصفات، بل وفي المظهر والشكل، ومن هنا كانت عناية الشرع بمخالفة المشركين في زيهم، وطريقة حياتهم ومخالطتهم؛ حتى لا يتأثر المرء بهم، ويأخذ من عوائدهم، ويقتبس من أخلاقهم، فيستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير.
ومحبة الصالحين دأب عباد الله الصادقين فلو رأيت من ينتقص من الصالحين ويذمهم فاعلم أنه ليس منهم؛ لأنه لو كان منهم لانتمى إليهم، ولبادر بالثناء عليهم وستر ما قد يبدر منهم مما تقتضيه طبيعة البشر، قال -تعالى-: ( وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رءوف رَّحِيمٌ) (الحشر:10)، وقد صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (أَوْثَقُ عُرَى الإِيمَانِ: الْمُوَالاةُ فِي اللهِ وَالْمُعَادَاةُ فِي اللهِ، وَالْحُبُّ فِي اللهِ، وَالْبُغْضُ فِي اللهِ) (رواه الطبراني، وحسنه الألباني)، وعن أبي أمامة أن رسول الله -صلى عليه وسلم- قال: (مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ وَأَبْغَضَ لِلَّهِ وَأَعْطَى لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الإِيمَانَ) (رواه أبو داود، وصححه الألباني).
وحب الأبرار الأتقياء يبلغ بالمرء أكرم المنازل.
فعن أنس -رضي الله عنه-: أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النبي -صلى الله عليه وسلم- عَنِ السَّاعَةِ، فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: (وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟) قَالَ: لاَ شَيْء إِلاَّ أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ -صلى الله عليه وسلم-. فَقَالَ: (أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ). قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحْنَا بِشَيْء فَرَحَنَا بِقَوْلِ النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ) . قَالَ أَنَسٌ: فَأَنَا أُحِبُّ النبي -صلى الله عليه وسلم- وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّي إِيَّاهُمْ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ. (متفق عليه).
وعن ابن مسعودٍ -رضي الله عنه- قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَقُولُ فِي رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمًا وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم-: (الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ) (متفق عليه).
قلت -يعني القرطبي-: “وهذا الذي تمسك به أنس -رضي الله عنه- يشمل من المسلمين كل ذي نفس، فكذلك تعلقت أطماعنا بذلك وإن كنا مقصرين، ورجونا رحمة الرحمن وإن كنا غير متأهلين، وقد ذكر الله -تعالى- قصة كلب أحب قومًا فذكره الله معهم؛ فقال -سبحانه-: (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا) (الكهف:18)، فكيف بنا وعندنا عقد الإيمان وكلمة الإسلام، وحب النبي -صلى الله عليه وسلم، (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا) (الإسراء:70)” انتهى من تفسير القرطبي.
اللهم ارزقنا محبة الصالحين من عبادك.. آمين.
                                                       مكتب الدعوة والدعاة

عن admin

x

‎قد يُعجبك أيضاً

مفتي الجمهورية ” اعزه الله تعالى ” يستقبل امام وخطيب جامع بر الوالدين في قضاء المحاويل محافظة بابل ..

التقى سماحة مفتي الجمهورية الشيخ الدكتور مهدي بن احمد الصميدعي ” حفظه الله تعالى ” ...

مفتي الجمهورية _ الزيارات في الله تعالى سبب لنيل محبة الله تعالى..

مفتي الجمهورية _ الزيارات في الله تعالى سبب لنيل محبة الله تعالى؛ قال صلى الله ...

تهنئة مفتي الجمهورية للجيش العراقي بمناسبة مرور مئة وواحد سنة على تأسيسه .

تهنئة مفتي جمهورية العراق الشيخ الدكتور مهدي بن أحمد الصميدعي ( وفقه الله تعالى ) ...