عاجل_ اخبار الدار
الرئيسية / قسم الاسلاميات / العلاقات بين المسلمين وغيرهم في المجتمعات

العلاقات بين المسلمين وغيرهم في المجتمعات

بسم الله الرحمن الرحيم

((وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ، إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ )) .. سورة هود . م/ العلاقات بين المسلمين وغيرهم في المجتمعات

الحمد لله الذي ارسل رسله بالبينات وانزل معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب ان الله قوي عزيز وصلى الله على محمد وعلى اله واصحابه اجمعين في العالمين. الأصل في علاقة المسلمين بغيرهم، أن لا تختلف من زمن إلى آخر، أو في مجتمع إسلامي أو غير مسلم، وإذا اختلفت هذه العلاقة، فإنما يعود اختلافها إلى أحوال المسلمين من جهة، أو اختلاف مواقف غيرهم منهم من جهة أخرى. ذلك، لأن من أولى خصائص الأمة المسلمة، أنها ((أمةٌ داعية))، قال تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ ( سورة آل عمران . قال تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ) سورة سبأ .

فالمسلم داعٍ أينما حلّ وارتحل، وحيثما وجد، وكلما كان أكثرَ احتكاكاً بغيره برزت تلك الخصيصة الدعوية في حياته، كما هو شأن وجود المسلمين في المجتمعات غير الإسلامية.

أَصلُ العلاقة بين المسلمين وغيرهم ((علاقةٌ دعويةٌ))، منها ما تنبثق العلاقات الجزئية التفصيلية، وعلى أساسها وتنوّع مواقف الناس منها تتحدد العلاقات الأخرى. فمن العلاقة الدعوة تنبثق علاقات ((الرحمة والشفقة)) قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) . سورة الانبياء . ومن العلاقة الدعوية تنبثق علاقةُ ((المُسَالَمة، والبِرِّ بالسالمين)) وعلاقَةُ ((الحرب والشدة على المحاربين)) قال تعالى ): عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ، لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ، إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ( . سورة الممتحنة . وقال تعالى: (وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ ( . سورة الانفال .

ومن العلاقة الدعوية تنبثق علاقة ((العدل والإحسان))، قال تعالى ) إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون ) سورة النحل . وقال: (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ).سورة المائدة

وعلى أساس هذه العلاقات السابقة وغيرها من العلاقات الأخرى الدعوية، تُنَزَّلُ معاني الآيات التي وصفت المؤمنين بأنهم : (أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ ) .سورة الفتح . وبهذا الفهم الصحيح للنصوص الشرعية، تتوازن العلاقات، وتتلاقى الصفات وتنسجم معاني النصوص والآيات. وإذا كانت علاقة المسلمين بالمسلمين، تقوم على أساس ((المحبة والمودة، والولاء والنصرة، والإحسان والإيثار…)) فإن علاقة المسلمين بغيرهم تقوم على أساس ((الدعوة، والرحمة، والعدل والوفاء، والبَراء، ومسالَمةِ المُسالِمين، ومحاربة المحاربين…)). وإن تحديدَ هذه العلاقات، أو تغيرها من حال إلى حال، رَهْنٌ بحال الأمة الداعية وواقعها من ضَعْفٍ أو قوة من جهة، وبمواقف الآخرين من هذه الدعوة حرباً أو مسالمةً من جهة أخرى، كما هو منوط بالمصلحة العامة للمسلمين القريبة منها والبعيدة، التي يراها الإمام المسلم، فيقدرها ويحددها هو، أو من ينوب منابه من أهل الحل والعقد حَصْراً، ولا تُترك هذه التقديراتُ للاجتهادات الفردية والآراء الشخصية لفرد أو جماعة، خشية أن تتأثر بحوادث جزئية، أو تنطلق من مصالح آنيّة، أو من ردود أفعال عكسية.. وهكذا..

بقيت ملاحظة لابد من التنبيه إليها في هذا المقام وهي: إنه قد يَفْهَمُ بعضُ المسلمين، ((العلاقةَ الدعوية)) فهماً خاطئاً، فَيُجَرَّون بسببه إلى بعض التنازلات في المبادئ، أو المسامحات غير الشرعية في المناهج أو الأساليب أو الوسائل، فتغيبُ تلك العلاقةُ أو تتشوّه، أو يذوبُ المسلم في تلك المجتمعات وتميع شخصيتُه – كما يحدث في كثير من الأحيان. لذلك كان لابد لتوضيح ذلك، من تمثيل موقف الداعية من المدعوّين على مختَلف أنواعهم، بموقفِ الطبيب من المرضى والمصابين بالأمراض الخطيرة المُعْدية، حيث يعيش الطبيب مع هؤلاء المرضى ويخالطهم بحذر ويقظة، مخافة أن تتسرب إليه أمراضهم خِلْسَةً عن طريق ((ميكروب دقيق، أو فَيْروسٍ خفي))، وقد يأخذُ الطبيب لنفسه بعضَ التحصينات والتلقيحات، ويتَّخِذُ من أجل ذلك بعضَ الاحتياطات، تحقيقاً منه للتوازن المفروض بين طبيعته التي تنفر من الأمراض من جهة، وبين وظيفته التي تتطلب منه أن يعيش بين المصابين بهذه الأمراض من جهة أخرى. وكذلك، فإن على المسلم الداعية أن يوازن بين طبيعته السليمة وخصائصه الفريدة، وبين وظيفته السامية التي تتطلب منه الخروجَ إلى الناس، والاحتكاكَ بهم لدعوتهم وإخراجهم من الظلمات إلى النور، وإنقاذهم من الضلالة إلى الهدى، وقد جاء في الحديث الشريف: ((إن المسلم إذا كان يخالط الناس، ويصبر على أذاهم، خيرٌ من المسلم الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم)) رواه الترمذي … نسأل الله ان يوحد صفوف المسلمين ويقوي علاقتهم الاخوية بينهم ونبذ التفرقه والتوحد بكلمتهم والحمد لله…

مكتب العلاقات

 15/12/2013

عن admin

x

‎قد يُعجبك أيضاً

مؤلفات وكتب مفتي جمهورية العراق الشيخ الدكتور مهدي بن احمد الصميدعي ..

السيد مهدي بن السيد أحمد بن السيد صالح بن السيد خليل بن السيد موسى بن ...

(( مُجمَلُ اعتِقادِ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ في محبةِ آلِ بَيتِ الرسُولِ الكَريمِ )) .

1- أهلُ السُّنَّةِ يُوجِبونَ مَحبَّةَ أهلِ بَيتِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم، ويجعلون ذلك ...

مفتي الجمهورية هناك أوصاف مهمة في اختيار الصديق الصالح ..