عاجل_ اخبار الدار
الرئيسية / قسم الاسلاميات / نهاية عام واستقبال آخر (وقفة محاسبة)

نهاية عام واستقبال آخر (وقفة محاسبة)

 

 

 

 

 بسم الله الرحمن الرحيم

قالتْ عائشةُ – رضي الله عنها -: سألتُ رسولَ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – عن هذه الآية: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ [المؤمنون: 57 -61]، فقلت: أهُمُ الذين يَشْربون الخمر ويَزْنون ويَسْرِقون؟ فقال: ((لا يا ابنةَ الصِّدِّيق، ولكنَّهم الذين يصومون ويصلُّون، ويتصدَّقون، ويخافون ألاَّ يُتقبَّل منهم، أولئك يُسارعون في الخيرات))[1].

 

 

لقدْ كان سلفُنا الصالِح يتقرَّبون إلى الله بالطاعات، ويُسارعون إليه بأنواعِ القُرُبات، ويُحاسِبون أنفسَهم على الزلاَّت، ثم يخافون ألا يَتقبَّل اللهُ أعمالهم.

 

 

 

فهذا الصِّدِّيق – رضي الله عنه -: كان يَبْكي كثيرًا، ويقول: “ابكوا، فإنْ لم تَبْكوا فتباكوا“، وقال: “واللهِ، لوددتُ أنِّي كنت هذه الشجرةَ تُؤكَل وتُعْضد“.

 

 

 

وهذا عمرُ بن الخطَّاب – رضي الله عنه -: قرأ سورةَ الطور حتى بلَغ قوله – تعالى -: ﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ ﴾[الطور: 7]، فبكى واشتدَّ في بُكائِه حتى مرِض وعادوه، وكان يمرُّ بالآية في وِرْده بالليلِ فتُخيفه، فيبقَى في البيت أيامًا يُعاد، يَحْسَبونه مريضًا، وكان في وجهه خَطَّانِ أسودان مِن البُكاء!

 

 

 

وقال له ابنُ عبَّاس – رضي الله عنهما -: نصَر الله بك الأمصارَ، وفتَح بك الفتوح وفَعَل، فقال عمرُ: وددتُ أنِّي أنجو، لا أَجْرَ ولا وِزْر.

 

 

 

وهذا عثمانُ بنُ عفَّان، ذو النورين – رضي الله عنه -: كان إذا وقَف على القَبْر بَكَى حتى تُبلَّل لحيته، وقال: لو أنَّني بين الجَنَّة والنار لا أدْري إلى أيَّتِهما يُؤمَر بي، لاخترتُ أن أكونَ رَمادًا قبل أنْ أعلمَ إلى أيتِهما أصير.

 

 

 

وهذا عليُّ بن أبي طالب – رضي الله عنه -: كان كثيرَ البكاء والخوف، والمحاسبةِ لنفْسه، وكان يشتدُّ خوفُه مِن اثنتين: طول الأمَل واتِّباع الهوى، قال: فأمَّا طولُ الأمَل فيُنسي الآخِرَة، وأمَّا اتباع الهوى فيصدُّ عنِ الحق.

 

 

 

وعن النَّوَّاس بن سمْعانَ  – رضي الله عنه – عن النبيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال: ((ضَرَب الله مَثَلاً صراطًا مستقيمًا، وعلى جَنبتي الصراط سُوران، فيها أبوابٌ مُفتَّحة، وعلى الأبوابِ سُتورٌ مُرْخاة، وعلى الصِّراطِ داعٍ يدعو يقول: يا أيُّها الناس، اسْلُكوا الصراطَ جميعًا ولا تَعوجُّوا، وداعٍ يدْعو على الصِّراط، فإذا أراد أحدُكم فتْحَ شيء مِن تلك الأبواب، قال: ويلَك! لا تفتحْه، فإنَّك إن تفتحْه تَلِجْه، فالصِّراط: الإسلام، والستور: حدودُ الله، والأبواب المفتَّحة: محارمُ الله، والداعي مِن فوق: واعِظُ الله يُذكِّر في قلْب كلِّ مسلم))[2].

 

 

 

فهلاَّ استجَبْنا لواعظِ الله في قلوبنا؟ وهلاَّ حفِظْنا حدودَ الله ومحارمه؟ وهلا انتصرْنا على عدوِّ الله وعدوِّنا؛ قال – تعالى -: ﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [فاطر: 6].

 

 

 

1- كتَب عمرُ بن الخطَّاب – رضي الله عنه – إلى بعض عُمَّاله: “حاسِبْ نفسك في الرَّخاء قبلَ حِساب الشِّدَّة، فإنَّ مَن حاسب نفسه في الرخاء قَبل حسابِ الشدَّة، عاد أمرُه إلى الرِّضا والغبطة، ومَن ألْهَتْه حياتُه، وشغلتْه أهواؤه، عادَ أمره إلى الندامة والخسَارة”.

 

 

 

2- وقال الحسن: “لا يمضي المؤمِن إلا بحسابِ نفْسه: ماذا أردتِ تَعْملين؟ وماذا أردتِ تأكلين؟ وماذا أردتِ تشربين؟ والفاجِر يمضي قُدمًا لا يُحاسِب نفْسَه”.

 

 

 

3- وقال أيضًا: “إنَّ العبدَ لا يَزال بخيرٍ ما كان له واعظٌ مِن نفْسه، وكانتِ المحاسبة هِمَّتَه”.

 

 

 

4- وقال أيضًا: “المؤمِن قوَّامٌ على نفْسه، يُحاسِب نفْسه لله، وإنما خفَّ الحسابُ يومَ القيامة على قومٍ حاسَبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شقَّ الحسابُ يوم القيامة على قومٍ أخذوا هذا الأمرَ مِن غير محاسبة.

 

 

 

إنَّ المؤمن يَفْجؤُه الشيءُ ويعجبه، فيقول: واللهِ إني لأشتهيك، وإنَّك لَمِن حاجتي، ولكن والله ما مِن صلةٍ إليك، هيهات هيهات! حِيل بيني وبينك، ويفرط منه الشيءُ فيَرْجِع إلى نفسه فيقول: ما أردتِ إلى هذا؟ ما لي ولهذا؟ واللهِ لا أعودُ إلى هذا أبدًا”.

 

 

 

5- وقال ميمونُ بن مِهْران: “لا يكون العبدُ تقيًّا حتى يكونَ لنفسه أشدَّ محاسبةً مِن الشَّريك لشريكه، ولهذا قيل: النَّفْس كالشريكِ الخوَّان، إنْ لم تحاسبْه ذهَبَ بمالِك”.

 

 

 

6- وذَكَر الإمامُ أحمدُ عن وهب قال: “مكتوبٌ في حِكمة آل داود: حقٌّ على العاقِل ألاَّ يغفُلَ عن أربع ساعات: ساعة يُناجي فيها ربَّه، وساعة يُحاسِب فيها نفْسَه، وساعة يخلو فيها مع إخوانِه الذين يُخبرونه بعيوبه ويَصْدُقونه عن نفْسِه، وساعة يُخلِّي فيها بين نفْسِه وبين لذَّاتها فيما يحلُّ ويعجل، فإنَّ في هذه الساعةَ عونًا على تلك الساعات وإجمامًا للقُلوب”.

 

 

 

7- وكان الأحنفُ بن قيس يَجِيء إلى المصباح، فيَضع إصبعَه فيه ثم يقول: “حسّ يا حُنيف، ما حمَلَك على ما صنعتَ يومَ كذا؟ ما حملَك على ما صنعتَ يوم كذا؟ إنَّ المؤمنين قومٌ أوقَفهم القرآن، وحال بينهم وبيْن هَلَكتِهم”.

 

 

 

8- إنَّ المؤمن أسيرٌ في الدنيا، يَسْعَى في فَكاك رقبته، لا يَأمن شيئًا حتى يلقَى الله، يعلم أنَّه مأخوذٌ عليه في سَمْعه وفي بصَرِه، وفي لسانه وفي جوارحه، مأخوذٌ عليه في ذلك كلِّه.

 

 

 

ومحاسبة النفْس نوعان:

 

نوع قبلَ العمل ونوع بعْدَه.

 

 

 

النوع الأول: محاسبة النَّفْس قبلَ العمل، فهو أن يَقِفَ العبدُ عندَ أوّل همِّه وإرادته، فلا يعمل حتى يتبيَّنَ له رجحانُ العمل على ترْكه.

 

 

 

قال الحسن – رحمه الله -: “رحِم اللهُ عبدًا وقَف عندَ همِّه، فإنْ كان لله مضَى، وإنْ كان لغيرِه تأخَّر”.

 

 

 

النوع الثاني: محاسَبة النفس بعد العمل.

 

وهو ثلاثة أنواع:

 

أحدها: محاسَبة النَّفْس على طاعةٍ قصَّرتْ فيها في حقِّ الله تعالى.

 

 

 

الثاني: أن يُحاسِب نفْسَه على كلِّ عمل كان ترْكُه خيرًا من فِعْله.

 

 

 

الثالث: أن يُحاسِب نفْسَه على أمرٍ مُباح أو معتاد: لِمَ فَعَلَه؟ وهل فعلَه لله والدارِ الآخرة؛ فيكون رابحًا؟ أو أرادَ به الدنيا وعاجلَها؛ فيخسر ذلك الربحَ ويفوته الظفر به؟

 

 

 

وهناك أسبابٌ تُعِين على محاسبةِ النَّفْس وتسهل ذلك، منها:

 

1- معرفته أنَّه كلَّما اجتهد في محاسبةِ نفْسه اليوم استراح من ذلك غدًا.

 

2- معرفته أنَّ رِبْحَ محاسبة النفْس ومراقبتها هو سُكْنَى الفردوس.

 

3- النَّظَر فيما يؤول إليه ترْكُ محاسبة النفْس مِن الهلاك والدَّمار.

 

4- صُحْبة الأخيار الذين يحاسبون أنفسَهم، ويُطلعونه على عيوبِ نفْسه.

 

5- النَّظَر في أخبارِ أهلِ المحاسبة والمراقبة مِن سلفنا الصالِح.

 

6- حضور مجالسِ العِلم والوعْظ والتذكير؛ فإنَّها تدعو إلى محاسبةِ النفس.

 

7- البُعْد عن أماكنِ اللهو والغَفْلة.

 

8- سوء الظنِّ بالنَّفْس، فإنَّ حُسنَ الظن بالنفس يُنسِي محاسبةَ النفْس.

 

 

 

هذا، وقد ذكَرَ الإمامُ ابن القيِّم – رحمه الله – أنَّ محاسبةَ النفس تكون بـ:

 

أولاً: البَدْء بالفرائض، فإذا رأى فيها نَقْصًا تداركه.

 

 

 

ثانيًا: المناهي، فإذا عرَف أنَّه ارتكب منها شيئًا تدارَكَه بالتوبة والاستغفار والحَسَنات الماحية.

 

 

 

ثالثًا: محاسبة النفْس على الغَفْلة، ويتدارك ذلك بالذِّكْر والإقبال على الله.

 

 

 

رابعًا: مُحاسَبة النَّفْس على حركاتِ الجوارح، وكلام اللِّسان، ومَشْي الرِّجْلين، وبطش اليَدين، ونظر العينين، وسماع الأُذنين، ماذا أردتِ بهذا؟ ولمَن فعلتِه؟ وعلى أيِّ وجهٍ فعلتِه؟

 

 

 

ولمحاسبة النَّفْس فوائد جمة، منها:

 

1- الاطِّلاع على عيوبِ النفس.

 

2- التَّوبة والنَّدم، وتدارك ما فات في زمنِ الإمكان.

 

3- معرفة حقِّ الله – تعالى – فإنَّ أصلَ محاسبة النَّفْس هو محاسبتُها على تفريطها في حقِّ الله تعالى.

 

4- انكسار العَبدِ وزلَّته بين يدي ربِّه – تبارك وتعالى.

 

5- معرفة كَرَم الله – سبحانه وتعالى – وعفوه ورحمته بعِباده؛ كونه لم يُعَجِّلْ عقوبتَهم على ذنوبهم.

 

6- مَقْت النفْس، والتخلُّص مِنَ العُجْب.

 

7- الاجتهاد في الطاعة، وترْك العصيان؛ لتسهلَ عليه المحاسبةُ فيما بعدُ.

 

8- ردُّ الحقوق إلى أهلها، وسلُّ السخائم، وحُسْن الخُلُق، وهذه من أعظمِ ثمرات محاسبة النفْس.

 

 

 

وأخيرًا، فهذه همسات تِسع:

 

الهمسةُ الأولى: إلى قارئِ هذه السطور، ها هو عامٌ مضَى وانقضَى، وساعاتٌ ودقائقُ تصرَّمتْ وانتهتْ، فهل يا تُرى عُمِّرتْ بالطاعاتِ وتحصيلِ الحَسَنات؟ أم لُطِّخت بالمعاصي والسيِّئات؟ ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى ﴾ [النجم: 39 – 41].

 

 

 

الهمسةُ الثانية: إلى كلِّ داعيةٍ وطالِب عِلم، سلْ نفْسَك: أينَ أنت؟ وماذا قدَّمت؟ ما هيَ مخطَّطاتُك؟ وماذا تُريد؟ ألا تَكْفي الأعمالُ الارتجاليةُ دون تخطيطِ أو تفكير؟ ألاَ يَكْفي الانشغالُ بالمهمِّ عن الأهمِّ؟

 

 

 

الهمسةُ الثالثة: إلى الشبابِ المبارَكين المحبِّين لدِينهم وأمَّتهم ووطنهم، أقول: إنَّكم تعلمون أنَّ أُمَّةَ الإسلام اليوم تُواجِه أزماتٍ قاسيةً، وهجماتٍ شرِسةً ضارية، موجَّهة تارةً مِن عدوِّها الخارجيِّ (اليهود والنصارَى وأضرابهم)، وتارةً من عدوٍّ داخلي لدود (العلمانيون والليبراليُّون وأذنابهم)، جعلوا الإسلام شِعارًا، والإصلاح بُغيةَ الحضارة، والتمدُّن دِثارًا، فلا تغرَّنكم فِعالُهم، ولا تهولنَّكم دعواتُهم، بل عليكم مواجهتهم بسلاحِ العِلم الشرعيِّ، ولْتكونوا قريبًا مِن العلماء والأكابر، فالبَرَكةُ معهم، واسلُكوا طريقَهم حيثُ تيمَّموا.

 

 

 

الهمسةُ الرابعة: إلى كُلِّ إعلاميٍّ أقول: إنَّك تعلم مدَى تأثير الإعلام على واقِع الأمَّة، ودَوْره الكبير في توجيهِ الناس وقِيادتهم – سلبًا كان أو إيجابًا – فالإعلامُ جَعَلَ هذا العالَم بيتًا واحدًا، وهو سلاحٌ ذُو حدَّينِ – كما يُقال – فإمَّا أن يُستخدمَ في الخَيرِ، فهذا – والله – هوَ الفلاحُ والفوز، وإمَّا أن يُستخدَم لنشْرِ الشرِّ، وهذه هي الخسارةُ والخيانةُ لعُقولِ الأمَّة، فالذي يَنبغي هو أن يتعاونَ الجميعُ من أجْلِ تصحيحِ مجالاتِ الإعلام، ودخولها بكلِّ قوَّة – ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.

 

 

 

الهمسة ُالخامسة: إلى كلِّ مَن ولاَّهُ الله أمرًا من أمورِ المسلمين – أمرًا خاصًّا أو عامًّا – تَذكَّر أنَّ اللهَ سائلُك عمَّا استرعاك: أحفظتَ أم ضيعتَ؟ تذكَّر أنَّك ستقِفُ في محكمةٍ يقضي فيها الله – جلَّ وعلا.

 

 

 

إنَّ هذه الأمانةَ التي تولَّيتَها إما أن تكونَ ممرًّا لكَ إلى الجَنَّة، وإمَّا أن تُبعِدَك عنها – والعياذ بالله – فاتَّقِ الله فيما تولَّيت، واسأل ربَّك الإعانةَ والتوفيق، فإنَّه خيرُ معينٍ.

 

 

 

الهمسةُ السادسة: إلى كلِّ مجاهدٍ في سبيلِ الله، إلى المقاومين الصامدين على ثُغورِ الإسلام، في بلادِ العراقِ وأفغانستان، وفي كلِّ مكان: حُيِّيتم، وسُدِّدتم، ووُفِّقتم، وأعانَكمُ الله ونَصَرَكم؛ فلقدْ رفعتُم هامةَ الإسلام عالية، للهِ أنتُم يومَ تركتُمُ النومَ على الفِراشِ الوثيرِ، وآثرتُمْ مُنازلةَ المحتلِّ الباغي، لكُم مِنَّا الدعاء، وحقُّكُم علينا الذبُّ عن أعراضِكِم، مَكَّنكمُ اللهُ مِن رقابِ الكافرين، وأعادَ لكم أرضَكم ودِيارَكُم؛ ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾ [آل عمران: 169].

 

 

 

الهمسةُ السابعة: إليكم أيُّها المرابِطون الصابِرون على أرضِ فِلَسْطين المباركة، إنَّ القلَم يستحي أن يَكتُبَ لكم شيئًا، لقدْ علَّمتُمونا كيف نَصبرُ ونُصابِر.

 

 

 

أيُّها الأحبَّة:

 

إنَّ الظلامَ سينجلي، ويُسفرُ صُبحٌ بديعُ المُحيَّا، وإنَّ الفرج قريبٌ فلا تجزعوا، أسألُ الله أن يَنصرَكم، وأن يكُفَّ بأسَ الذين كفروا عنكم؛ ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الأنفال: 46]، ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 139].

 

 

 

الهمسةُ الثامنة: إلى مَن أطلقَ قلمه ولِسانه للنَّيْلِ من العلماء والدُّعاة، سبًّا وتجريحًا، وتنفيرًا وتحريضًا، أو انتقاصًا مِن شعيرة دِينيَّة، أو لمزًا للعفَّةِ والطهرِ والفضيلة، أقولُ لهم:

 

﴿ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ ﴾ [الزخرف: 19].

 

 

 

وَمَا مِنْ كَاتِبٍ إِلاَّ سَيَفْنَى
وَيَبْقَى الدَّهْرَ مَا كَتَبَتْ يَدَاهُ

فَلاَ تَكْتُبْ بِكَفِّكَ غَيْرَ شَيْءٍ
يَسُرُّكَ فِي القِيَامَةِ أَنْ تَرَاهُ

 

 

 

الهمسةُ التاسعة: إليكِ أيتُها المرأةُ الفاضلة، الطاهرةُ الشريفةُ العفيفة – أُمًّا أو أختًا أو بنتًا – أيتُها الصالحةُ الوفيَّةُ لدِينها، أمامكِ تحدِّياتٌ عصيبة في ظلِّ تردٍّ أخلاقيٍّ وطغيانِ رذيلة، آنَ لكِ أن تتقدَّمي الصفوفَ لرعاية الفضيلة، وتَحْصينِ الأُسْرة بدينِ الفِطرة.

 

 

 

 

يَا حُرَّةً قَدْ أَرَادُوا جَعْلَهَا أَمَةً
غَرْبِيَّةَ الفِعْلِ لَكِنَّ اسْمَهَا عَرَبِي

يَا دُرَّةً حُفِظَتْ بِالْأَمْسِ غَالِيَةً
وَالْيَومَ يَبْغُونَهَا لِلَّهْوِ وَاللَّعِبِ

 

 

 

أسأل الله – تعالى – أنْ يجعلَنا ممَّن يستخلص العِبَر ممَّا مضَى من السنين، وأن يجعلَنا أكثرَ محاسبةً لأنفسنا فيما يستقبِلُنا من العمر، والله الموفِّق والهادي إلى سواءِ السبيل.

 

 

 

 

 

 

عن admin

x

‎قد يُعجبك أيضاً

مؤلفات وكتب مفتي جمهورية العراق الشيخ الدكتور مهدي بن احمد الصميدعي ..

السيد مهدي بن السيد أحمد بن السيد صالح بن السيد خليل بن السيد موسى بن ...

(( مُجمَلُ اعتِقادِ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ في محبةِ آلِ بَيتِ الرسُولِ الكَريمِ )) .

1- أهلُ السُّنَّةِ يُوجِبونَ مَحبَّةَ أهلِ بَيتِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم، ويجعلون ذلك ...

مفتي الجمهورية هناك أوصاف مهمة في اختيار الصديق الصالح ..