السائل أبو محمد الجنابي من مطقة حي العامل – يسأل هل فتوى العالم ملزمة للجميع وممن تأخذ الفتوى رعاكم الله ..
الجواب :
إن المسلم لا يلزمه أن يقتصر في طلب الفتوى على مفتٍ واحد ، بل له أن يستفتي فيما ينزل به أكثر من مفتٍ ممن يثق في علمهم ودينهم و (اعتقد أنه يفتيه بشرع الله ورسوله من أي مذهب كان) وإذا اختلفت فتوى المفتين عليه ، أخذ من تلك الفتاوى ما ترجح لديه منها بحسب قدرته .
يقول ابن تيمية في بيان ذلك : (وأما تقليد المستفتي للمفتي ، فالذي عليه الأئمة الأربعة ، وسائر أئمة العلم : أنه ليس على أحد ولا شُرع له التزام قول شخص معين في كل ما يوجبه ويحرمه ويبيحه إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، لكن منهم من يقول : على المستفتي أن يقلد الأعلم الأورع ممن يمكن استفتاؤه ، ومنهم من يقول : بل يخير بين المفتين ، إذا كان له نوع تمييز فقد قيل : يتبع أي القولين أرجح عنده بحسب تمييزه ، فإن هذا أولى من التخيير المطلق ، وقيل : لا يجتهد إلا إذا صار من أهل الاجتهاد ، والأول أشبه ؛ فإذا ترجح عند المستفتي أحد القولين : إما لرجحان دليله بحسب تمييزه ، وإما لكون قائله أعلم وأورع : فله ذلك وإن خالف قوله المذهب)
ويقول ابن القيم : (فإن اختلف عليه مفتيان فأكثر ، فهل يأخذ بأغلظ الأقوال ، أو بأخفها ، أو يتخير ، أو يأخذ بقول الأعلم ، أو الأورع ، أو يعدل إلى مفتٍ آخر ، فينظر من يوافق من الأولين فيعمل بالفتوى التي يوقع عليها ، أو يجب عليه أن يتحرى ويبحث عن الراجح بحسبه ؟ ، فيه سبعة مذاهب ، أرجحها السابع ولم يكن من هدي السلف الصالح استفتاء عالم بعينه دون نظرائه من العلماء ، والتزام أقواله كلها بحيث لا يخرج عنها ، فإن ذلك من البدع الحوادث ، كما ذكره ابن القيم ، وابن عبد البر ، وابن حزم ، والشاطبي ، وولي الله الدهلوي ، والفُلاني ، وسند بن عنان المالكي ، ومحمد حياة السندي ، والشوكاني .
ومن هنا يتضح أن قول القائل : إن الولاية على الفتوى هي للمفتي وحده دون منازع ، وأن فتواه ملزمة هو تجنٍّ على الحق وتجاوز للحد ، وادعاء ما أنزل الله به من سلطان .
ومن هنا يجب أن يتضح أمر معلوم للجميع يجب أن يفرق بالفتوى بين فتاوى علماء السلاطين والأحزاب الذين يجيرون فتاواهم لمصلحة الاحزاب والفرق التي ينتسبون اليها وعدم المبالاة في اتباع الحق -0 وهنا يجب التركيز على مسالة مهمة فالعلماء رحمهم الله قالوا لا تستفتوا مفتونا ولا متحزبا – ولا منيعرف بالتذبذب وعدم الاستقرار فهؤلاء خطأهم أكثر من صوابهم …
مكتب مستشارية الإفتاء
سماحة المفتي الشيخ الدكتور
مهدي الصميدعي
الأحد 23 رجب 1434 هجرية