فتوى رقم ( 1343 )
السائل محمد أبو صفا يسأل _ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سماحة المفتي سؤآلي لسماحتك ..حكم عقد الزواج بواسطة التقنيات المعاصرة وسائل الاتصال المسموعة والمرئية أو مايسمى الزواج الالكتروني .. ونحن نثق بعلمكم وبارك الله فيك .أبنكم محمد أبو صفا المحمدي .
أجاب على السؤآل سماحة مفتي جمهورية العراق الشيخ الدكتور مهدي بن احمد الصميدعي ( سدده الله تعالى ) الحمد لله رب العالمين وبه نستعين والصلاة والسلام على امام المتقين نبينا محمد الأمين واله وصحبه أجمعين وبعد : الله يبارك بيك السائل الكريم _ الإيجاب والقبول ركن من أركان النكاح ، لا يصح بدونه ، والإيجاب هو اللفظ الصادر من الولي أو وكيله . والقبول : هو اللفظ الصادر من الزوج أو وكيله .
ويشترط أن يكون الإيجاب والقبول في مجلس واحد ، قال في “كشاف القناع” (5/41) : “وإن تراخى القبول عن الإيجاب صح ما داما في المجلس ولم يتشاغلا بما يقطعه عرفا ولو طال الفصل ؛ وإن تفرقا قبل القبول بعد الإيجاب بطل الإيجاب وكذا إن تشاغلا بما يقطعه عرفا ؛ لأن ذلك إعراض عنه أشبه ما لو رده ” انتهى بتصرف .
كما تشترط الشهادة لصحة النكاح ….. وبناء على ذلك ؛ فقد اختلف أهل العلم في إجراء عقد النكاح بالوسائل الحديثة كالهاتف والإنترنت أو ماسميته الزواج الالكتروني ، فمنهم من منع ذلك لعدم وجود الشهادة ، مع التسليم بأن وجود شخصين على الهاتف في نفس الوقت له حكم المجلس الواحد ، وهذا ما اعتمده مجمع الفقه الإسلامي …. ومنهم من منع ذلك احتياطا للنكاح ؛ لأنه يمكن أن يُقلد الصوت ويحصل الخداع ، وهذا ما أفتت به اللجنة الدائمة للإفتاء .
ومنهم من جوز ذلك إذا أُمن التلاعب ، وهذا ما أفتى به الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن رحمه الله .
وبهذا يعلم أن الإشكال ليس في مسألة اتحاد المجلس ، فإن الاتصال الهاتفي أو الإنترنتي من الطرفين في نفس الوقت يأخذ حكم المجلس الواحد .
والشهادة على هذا العقد ممكنة ، بسماع صوت المتكلم عبر الهاتف أو الإنترنت ، بل في ظل التقدم العلمي اليوم يمكن مشاهدة الولي وسماع صوته أثناء الإيجاب ، كما يمكن مشاهدة الزوج أيضا .
ولهذا ؛ فالقول الظاهر في هذه المسألة : أنه يجوز عقد النكاح عن طريق الهاتف والإنترنت إذا أُمن التلاعب ، وتُحقق من شخص الزوج والولي ، وسمع الشاهدان الإيجابَ والقبول . وهذا ما أفتى به الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن رحمه الله ، كما سبق ، وهو مقتضى فتوى اللجنة الدائمةللإتاء _ التي منعت النكاح هنا لأجل الاحتياط وخوف الخداع .
ومن أراد السلامة ، فيمكنه إجراء النكاح عن طريق التوكيل ، فيوكل الزوجُ أو الولي من يعقد له أمام شاهدين …. وهذا نص ما أشرنا إليه من كلام أهل العلم :
1- قرار مجمع الفقه الإسلامي : قرار رقم : 52 (2/6) بشأن حكم إجراء العقود بآلات الاتصال الحديثة ، بعد ما قرر المجمع جواز إجراء العقود بآلات الاتصال الحديثة قال : إن القواعد السابقة لا تشمل النكاح لاشتراط الإشهاد فيه” انتهى .
2- فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء :
السؤال : إذا توفرت أركان النكاح وشروطه إلا أن الولي والزوج كل منهما في بلد، فهل يجوز العقد تليفونيا أو لا؟
“نظرا إلى ما كثر في هذه الأيام من التغرير والخداع ، والمهارة في تقليد بعض الناس بعضا في الكلام وإحكام محاكاة غيرهم في الأصوات حتى إن أحدهم يقوى على أن يمثل جماعة من الذكور والإناث صغارا وكبارا ، ويحاكيهم في أصواتهم وفي لغاتهم المختلفة محاكاة تلقي في نفس السامع أن المتكلمين أشخاص ، وما هو إلا شخص واحد ، ونظرا إلى عناية الشريعة الإسلامية بحفظ الفروج والأعراض ، والاحتياط لذلك أكثر من الاحتياط لغيرها من عقود المعاملات – رأت اللجنة أنه ينبغي ألا يعتمد في عقود النكاح في الإيجاب والقبول والتوكيل على المحادثات التليفونية ؛ تحقيقا لمقاصد الشريعة ، ومزيد عناية في حفظ الفروج والأعراض حتى لا يعبث أهل الأهواء ومن تحدثهم أنفسهم بالغش والخداع . وبالله التوفيق” انتهى من “فتاوى اللجنة الدائمة” (18/90) .
3- فتوى الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن رحمه الله :
السؤال : أريد أن أعقد على فتاة وأبوها في بلد آخر ولا أستطيع الآن أن أسافر إليه لنجتمع جميعا لإجراء العقد وذلك لظروف مالية أو غيرها وأنا في بلاد الغربة فهل يجوز أن أتّصل بأبيها ويقول لي : زوجتك ابنتي فلانة . وأقول : قبلت ، والفتاة راضية ، وهناك شاهدان مسلمان يسمعان كلامي وكلامه بمكبر الصوت عبر الهاتف ؟ وهل يعتبر هذا عقد نكاح شرعي ؟
الجواب: توجه الموقع بهذا السؤال إلى الشيخ عبد العزيز بن عبد الله رحمه الله فأجاب بأنّ ما ذُكر إذا كان صحيحا ( ولم يكن فيه تلاعب ) فإنه يحصل به المقصود من شروط عقد النّكاح الشّرعي ويصحّ العقد .
المكتب العلمي للدراسات والبحوث / قسم الفتوى
الأحد 25 ذي القعدة 1440 هجرية 28 تموز 2019