فتوى رقم ( 685 )
السائل محمد ناصيف يسأل _ اكل لحم الدعلج اذا سامع بيه هو حيوان بري يشبه السنجاب اكل لحمه حلال ام حرام اكوناس تاكله .
أجاب على السؤآل سماحة مفتي جمهورية العراق الشيخ الدكتور مهدي بن احمد الصميدعي ( سدده الله تعالى ) الحمد لله رب العالمين وبه نستعين والصلاة والسلام على امام المتقين وقائد الغر المحجلين نبينا محمد الأمين واله وصحبه أجمعين وبعد :
فقد اختلف العلماء في حكم أكل ـ النيص أو الدعلج ـ فمنهم من حرمه لكونه مما يستخبثه العرب، ومنهم من أباحه ولم يعتبر الاستخباث سببا بمجرده للتحريم، وذلك لعدم ورود نص صحيح بتحريمه.
وللعلماء فيه قولان _ فمنهم من أحله ومنهم من حرمه، وأصح القولين أنه حلال،لأن الأصل في الحيوانات الحل فلا يحرم إلا ما حرمه الشرع ولم يرد في الشرع ما يدل على تحريم هذا الحيوان، وهو يتغذى بالنبات كالأرنب والغزال وليس من ذوات الناب المفترسة، فلم يبق وجه لتحريمه، والحيوان المذكور نوع من القنافذ ويسمى ـ الدلدل ـ ويعلو جلده شوك طويل، وقد سئل ابن عمر رضي الله عنهما عن القنفذ؟ فقرأ قوله تعالى: قُلْ لَا أجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ… الآية. قال شيخ عنده: إن أبا هريرة روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنه خبيث من الخبائث، فقال ابن عمر: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك، فهو كما قاله.
فاتضح من كلامه ـ رضي الله عنه ـ أنه لا يعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في شأن القنفذ شيئا، كما اتضح من كلامه أيضا عدم تصديقه الشيخ المذكور، والحديث المذكور ضعفه البيهقي وغيره من أهل العلم بجهالة الشيخ المذكور، فعلم مما ذكرنا صحة القول بحله وضعف القول بتحريمه .
والشارع الحكيم إذا حرَّم عيناً فهي حرام عند كل الناس، وليس مطلق كون الشيء خبيثاً يقتضي التحريم، بدليل قول الرسول ـ عليه الصلاة والسلام: من أكل من هذه الشجرة الخبيثة فلا يقربن مسجدنا. يعني بها البصل، وقالوا: حُرِّمتْ حُرِّمتْ؟ فقال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: إنه ليس لي تحريم ما أحل الله لي، ولكنها شجرة أكره ريحها.
فإذاً نقول: لا أثر لاستخباث ذوي اليسار، وأن معنى الآية أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ لا يحرم إلا ما كان خبيثاً، فيكون الوصف بالخبث علة لما حرَّمه الشرع، وأن الشرع لا يحرم إلا خبيثاً، فإذا حرم شيئاً فلا تبحث هل هو طيب؟ أو غير طيب؟ بل إذا حرمه فاعلم أنه خبيث، أما أن نقول: كل ما استخبثه الناس، أو ذوو اليسار منهم فهو حرام، فهذا أمر لا يمكن، لأن معنى ذلك أن نَردَّ الأحكام إلى أعراف الناس وعاداتهم. ينظر الشرح الممتع.
المكتب العلمي للدراسات والبحوث / قسم الفتوى
السبت 12 شعبان 1439 هجرية 28 نيسان 2018