المسألة الخامسة من يعذر بترك الجماعة
يعذر المسلم بترك الجماعة في الأحوال التالية:
1- المريض مرضاً يلحقه منه مشقة لو ذهب إلى الجماعة، لقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} [الفتح: 17]، ولأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما مرض تخلف عن المسجد، وقال: «مروا أبا بكر فليصل بالناس»، ولقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق قد علم نفاقه، أو مريض). وكذلك الخائف حدوث المرض؛ لأنه في معناه.
2- المدافع أحد الأخبثين أو من بحضرة طعام محتاج إليه؛ لحديث عائشة مرفوعاً: «لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافع الأخبثين».
3- من له ضائع يرجوه أو يخاف ضياع ماله أو قوته أو ضرراً فيه؛ لحديث ابن عباس مرفوعاً: (من سمع النداء فلم يمنعه من اتباعه عذر- قالوا: فما العذر يا رسول الله؟ قال: خوف أو مرض- لم يقبل الله منه الصلاة التي صلى) وكذا كل خائف على نفسه أو ماله أو أهله وولده، فإنه يعذر بترك
الجماعة؛ فإن الخوف عذر.
4- حصول الأذى بمطر ووحل وثلج وجليد، أو ريح باردة شديدة بليلة مظلمة. لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمر المؤذن، إذا كانت ليلة باردة ذات مطر، يقول: ألا صَلُّوا في الرِّحال».
5- حصول المشقة بتطويل الإمام، لأن رجلاً صلى مع معاذ، ثم انفرد، فصلى وحده لما طَوَّل معاذ، فلم ينكر عليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين أخبره.
6- خوف فوات الرفقة في السفر؛ لما في ذلك من انشغال قلبه إذا انتظر الجماعة، أو دخل فيها، مخافة ضياع وفوات رفقته.
7- الخوف من موت قريبه وهو غير حاضر معه، كأن يكون قريبه في سياق الموت، وأحب أن يكون معه يلقنه الشهادة ونحو ذلك، فيعذر بترك الجماعة لأجل ذلك.
8- ملازمة غريم له، ولا شيء معه يقضيه، فله ترك الجماعة لما يلحقه من الأذية بمطالبة الغريم، وملازمته إياه
.