نزع الروح من الجسد
إن النزع شديد، إن الموت شديد، شدة الألم في سكرات الموت، لا يعرفها على الحقيقة إلا من ذاقها، ومن لم يذقها إنما يعرفها بالقياس على الآلام التي أدركها، فألم النزع يهجم على الروح نفسها، فيستغرق جميع أجزائها، ومن كل عرق من العروق، وكل عصب من الأعصاب، وكل مفصل من المفاصل، ومن أصل كل شعرة، وبشرة من أعلى الرأس إلى أسفل القدمين، فلا تسأل عن كربه وألمه، حتى قالوا: “إن الموت أشد من ضرب بالسيف، ونشر بالمناشير، وقرض بالمقاريض”؛ لأن ألم الضرب بالسيف، أو النشر، أو غيرهما، إنما يؤلم لتعلقه بالروح، ولذلك الميت لا يتألم إذا ضرب جسده، ولكن الحي يتألم، وما لجرح بميت إيلام، فالألم إنما يكون لما يكون لتعلق الروح بالجسد، فكيف إذا كان المجذوب والمنتزع هو الروح نفسها.