القاعدة الاصولية لهذا اليوم الخميس 28 شعبان 1435 هجرية .
احتمال أخف الضررين:
عند دفع الضرر أو السعي في إزالته ، قد لا يتيسر ذلك إلا بالوقوع في ضرر آخر، وهنا يتحتم علينا إذا أردنا إزالة الضرر أن نقع في ضرر آخر، والمقصود دفع الضرر بالكلية؛ فإذا تعذر ذلك ولم يمكن، فإنه يحتمل أخف الضررين، فإذا كان الضرر المدفوع يزيد عن الضرر المترتب على ذلك دُفع، وإن كان الضرر المترتب أعلى من الضرر المدفوع، لم يدفع الضرر في هذه الحالة، ولا يمكن أن يقال: إذا ترتب على دفع الضرر ضرر آخر لم يدفع الضرر حتى وإن كان الضرر المترتب أقل من الضرر المدفوع؛ لأن هذا يخالف قاعدة السعي في إزالة الضرر، وقد عبر أهل العلم عن تلك القاعدة بقاعدة «احتمال أخف الضررين» أو «أهون الشرين» أو «تُدفع المفسدة العظمى باحتمال أدناهما» أو نحو ذلك من تلك العبارات، وهذه القاعدة لها فروع كثيرة، وقد جاء بعضها في السياسة الإلهية؛ فمن ذلك ما فعله الخضر ـ عليه السلام ـ عندما خرق السفينة ؛ فقد كان في خرقه لها ضرر، ولكنه فعل ذلك ليدرأ ضرراً أشد، وهو مصادرة السفينة من قِبَل الملك الظالم الذي كان يأخذ كل سفينة صالحة غصباً، فخرقُ السفينة ضرر لا شك فيه، ولكنه بلا شك أقل ضرراً من ضياع السفينة كلها، فلم يمكن إزالة الضرر الكبير إلا باحتمال الضرر الأقل والشيء نفسه يقال في قتله للغلام، وهذه وتلك من السياسة الإلهية لأن الخضر ـ عليه السلام ـ قال لموسى ـ عليه السلام ـ بعدما بيَّن له وجه هذه التصرفات: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} [الكهف ]82.
المكتب الاعلامي