علاقة المسلم بالله تعالى
ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله , صلى الله عليه وعلى اله واصحابه ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا . أيها المسلمون: إن هناك أزمة واضحة للمتأمل في واقع المسلمين بشكل عام وفي واقعنا بشكل خاص، هناك أزمة كبيرة في إقامة المسلم جسور علاقة مع غيره، لا يكون فيها تقصيراً ولا خللاً، الإنسان مدني بطبعه، لا يعيش لوحده، لا بد له من علاقات يقيمها مع غيره، حتى رأينا وسمعنا عن بعض الناس في دول الكفر يقيمون علاقاتٍ مع بعض الحيوانات، بسبب أن أهله قد نبذوه أو لأي سبب آخر، فالشاهد أنه يقيم علاقة مع حيوان، تجده طول وقته معه، يأكل معه وينام معه ويكلمه ويتحدث إليه، وهكذا. إذاً فلا بد للإنسان من علاقات يقيمها مع الآخرين، وفي الإسلام ولله الحمد وضعت ضوابط وأسس محدده ومحكمة في كيفية وشرعية علاقة المسلم بغيره. أيها الإخوة: أعود لكلمتي الأولى، وهو أننا نعيش في أزمة علاقات، والتي أقصد بها أننا نعيش في أزمة علاقات صحيحة نظيفة قائمة على العدل والإنصاف. فكل منا له علاقات بغيره، لكن هل أدى الحقوق التي عليه تجاه من يحب أحياناً أن يقيم معهم علاقات. لعلي أوضح لكم الفكرة بشكل آخر وأيسر، وهو أنني عزمت بإذن الله -عز وجل- أن أبدأ معكم سلسلة خطب، حول هذا الموضوع الكبير، وربما لا تكون متتالية لعدم الملل، فيتخللها أحياناً مواضيع أخرى، وسأتناول في هذه السلسلة المواضيع التالية، وسيكون لكل موضوع كلمة مستقلة بإذن الله. علاقة المسلم مع ربه، علاقة المسلم مع زوجته، علاقة المسلم مع أولاده، علاقة المسلم بأقربائه وذوي أرحامه، علاقة المسلم مع جيرانه، علاقة المسلم مع أصدقائه، وأخيراً علاقة المسلم مع مجتمعه، هذه تسعة فقرات، أسأل الله -عز وجل- بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقني إلى طرحها وعرضها عليكم بأسلوب سهل ميسر، كما أسأله -عز وجل- أن يوفقكم إلى استماعها والانتفاع بها. أيها المسلمون: هناك تقصير نشاهده على كثير من المسلمين في أحد الجوانب التي ذكرتها لكم وإن كان مؤدياً لحقوق جانب آخر. فمثلاً بعض الناس تجده حريصاً على صلاته، وغالباً تجده في الصف الأول لكنه مقصر في صلة رحمه، فهذا قد أتى ببعض الواجب عليه في علاقته مع ربه، لكنه قصر في علاقته مع أقربائه، وآخر تجده منصرفاً إلى العبادة والعلم، ولكنه مقصر في تربية أولاده، لا يدري ماذا يقرأون ومن يرافقون، وثالث تجده مهتماً بأولاده لكنه عاق لوالديه قاسٍ في معاملتهما، ورابع تجده بَراً بوالديه لكنه يظلم زوجته ويسيء معاشرتها، وخامس تجده حسن العشرة لزوجته وأولاده ولكنه يسيء معاملة جاره، وسادس تجده منصرفاً إلى شؤونه الخاصة مهتماً بما يعود عليه بالنفع ولكنه مقصر في علاقاته الاجتماعية، واهتمامه بأمر المسلمين وهكذا. إلى آخر ما نعانيه من أزمات وتقصير في جوانب أخرى، يجب علينا وجوباً إكمالها، ونعد آثمين في تفريطها. أيها المسلمون: ولنبدأ معكم في موضوعنا هذا بأول وأهم وأوجب هذه العلاقات، وهي علاقة المسلم مع ربه. أول نقطة وأول قضية وأول ما يتطلبه الإسلام من المسلم في علاقته مع ربه أن يكون مؤمناً بالله حق الإيمان، يحقق التوحيد كما أمره الله، يثبت لربه ما أثبته لنفسه من الأسماء والصفات، دون تحريف أو تعطيل أو تمثيل أو تشبيه، على حد قول الله تعالى: ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ( سورة الشورى . ونفهمها كما فهما السلف الصالح . ثم يكون وثيق الصلة بالله، دائم الذكر له والتوكل عليه، يحس في أعماقه أنه بحاجة إلى قوة الله وعونه وتأييده، يصرف جميع أعمال القلوب لربه. أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يرا كذلك من مقتضيات علاقة المسلم بربه إيمانه بالقضاء والقدر، يعتقد بقلبه أن ما أصابه في هذه الحياة لم يكن ليخطئه، لا قبل له بدفعه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه. كم سيرتاح المسلم في حياته لو استقرت هذه العقيدة في قلبه، حق الاستقرار وتشرب فؤاده بها، لا يضجر ولا يتسخط مهما عصفت به رياح هذه الحياة، لكن الذين ضعف إيمانهم في هذا الأصل العظيم، تجدهم يتذمرون حتى من أقل الأشياء، لو أصيب بمرض صار يشتكي لفلان وفلان، لو حصلت له مشكلة بسيطة أقام الدنيا وأقعدها. لو توفي أحد أقاربه توقف عن العمل والذهاب والإياب، وتعطلت حياته، أين الإيمان بالقضاء والقدر؟ لماذا تشتكي الخالق للمخلوق؟ يقول -عليه الصلاة والسلام : (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له) رواه مسلم . أيها المسلمون: كيف يرضى المسلمون بأن يقال عنهم أن علاقتهم بربهم قوية متماسكة، وهذه الحقيقة الأساسية غائبة عن حياتهم، تحكيم شريعة الله. إن أمتنا أيها الإخوة صار لها زمناً طويلاً لم تعرف العز والفخر بين أمم الأرض. إن هذه الأمة صار لها زمن طويل وهي تمجد أصناماً، تظن أنهم سيقدمون الخير لها إن شعوب هذه الأمة لم تذق طعم الإسلام الحقيقي منذ زمن بعيد… ولو ذاقته لم تفلته . نسأل الله ان يصفي قلوب المسلمين ويجعلهم اخوه متحابين ما بينهم يا رب العالمين اللهم ألف بين قلوبهم اللهم وحد صفوفهم اللهم بصرهم بأمرهم اللهم واجبر كسرهم اللهم وعرفهم بعدوهم اللهم وانصرهم على عدوهم يا ارحم الراحمين اللهم اجعلهم اخوة متآخين محبين لبعضهم متكاتفين واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين ..
الشيــخ ماجد محمد العجيلي
مستشــار العلاقــات العـــامة
2014/3/8