عاجل_ اخبار الدار
الرئيسية / قسم الاسلاميات / العزيمة على الرشد

العزيمة على الرشد

 

 

 

 

م/العزيمة على الرشد

 

 

 

  الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لانبي بعده ، وعلى آله واصحابه اجمعين ، ثم اما بعد..

 

 

كثيرًا ما نجد من حولنا يتبرمون من عدم إنجازهم لأعمال شرعوا فيها، ويشتكون من تأخر مشاريع عوَّلوا عليها كثيرًا من النتائج، ويتأففون من عدم قدرتهم على ترك عادة سيئة لازمتهم، وتراهم يسعون جاهدين للتخلص من خلق ذميم اعتادوا عليه ولكن سرعان ما يخفقون ويرجعون من حيث بدؤوا كما قال الأول :

 

 كمهمهٍ فيه السراب يلمح   ***  يدأب فيه النوم حتى يطلحوا
  ثم يظلون كأن لم يبرحوا  ***   كأنما أمسوا بحيث أصبحوا

 

كلنا عند بداية عام أو مقدمة فصل دراسي أو مطلع أسبوع أو ابتداء موسم فضيل كرمضان والحج أو انتهائه نعاهد أنفسنا على فعل شيء جميل والاستمرار عليه، أو إنجاز مشروع وجني ثماره، أو الانتهاء من برنامج والاستمتاع بنتائجه، أو الحصول على درجة علمية، أو جرد كتاب أو حفظ قصيدة أو كتابة مؤلف أو .. أو …. إلخ. ولكن سرعان ما تتبخر تلك الأحلام والأهداف ولم تخرج عن حيز التفكير ولا تعدو كونها خواطر بل هي مجرد أحلام .   

 

 يا مفني العمر فيما اسمه حلم     ***    لو كان يدرك ما كان اسمه الحلما

 

ألا ترى بعضهم يبدأ برنامجًا في الرجيم يمشي عليه يومين أو أسبوعين ثم يتركه، ألا ترى بعضهم يبدأ بترك التدخين فترة ثم يعود إليه، ألا ترى بعضهم يخوض في مشروع ما فيشتري ما يلزمه من عدة ويتعاقد مع بعضهم ثم سرعان ما يتلف ما أعده لمشروعه ويتراجع عن عقوده، فيا أسفاه على أموال مهدرة وأوقات ضائعة وجهود مبعثرة .

 

تمر على كثير منا سنوات وهو لازال في حلمه لم يحققه وفي مشروعه لم يبدأه وفي عاداته السئية لم يتركه، تعرف فلانا من الناس أخبرك قبل سنين عدة عن مشروع له يشغله ، وحدثك عن هدف يحب تحقيقه وأسر لك بحلم يسعى إليه، ثم تتفاجأ بأنه لم يصنع شيئا ( مكانك سر ) وفي رواية (مكانك راوح )، أحدهم كان يستشير شيخًا في حفظ كتاب في الحديث فقال للشيخ : يا شيخ هل أحفظ ( بلوغ المرام) أم (منتقى الأخبار) ؟ فقال له الشيخ : احفظ ما شئت المهم أن تشرع في الحفظ . فتفاجأ الشيخ بالسائل نفسه يقول له –بعد أربع سنين يسأله نفس السؤال !!! يا لله كم أرثي لأولئك تجد أحدهم مشتتا ، ضائعا ، تائها، حائرا، مترددًا، محبطا وقد صدق قول الشاعر فيه :

 

 ومشتت العزمات ينفق عمره   ***     حيران  لا ظفر  ولا  إخفاق

 

إن مكمن الخلل وموطن الزلل هو ضعف العزائم إن العزيمة والإصرار والجلد والثبات والاستمرار هي السر في انهيار تلك المشاريع وانتقاض تلك الأفكار وضياع تلك الأهداف .
إن سبب وقوع آدم عليه السلام هو ضعف العزم قال تعالى : ( ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فلم نجد له عزمًا ) ولذلك كان من مأثور الأدعية النبوية : “اللهم إني اسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد ” ومن جميل الشعر قول أحدهم :

 

   إن كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة *** فإن فساد الرأي أن تترددا 

 

 إن الهموم تحتاج إلى همم، والأحلام تفتقر إلى أحمال ، والآمال لا بد لها من آلام، والطموح لا بد له جموح، والغنمية لا بد لها من عزيمة

 

 ضعفُ العزيمة ِ لَحْدٌ، في سكينَتهِ *** تقْضِي الحياة ُ، بَنَاهُ اليأسُ والوجَلُ
وفِي العَزِيمَة ِ قُــــتوَّاتٌ مُسَــــــــخَّرَة *** يــــخِرّ دونَ مَـــــداها الــيأسُ والوجَلُ

 

أعرف كثيرا من أصدقائي عندهم ذكاء وحافظة وعندهم اتساع في المدارك ووفرة في الوسائل ولكن تعثروا في إنجاز مشاريعهم العلمية وفي المقابل أعرف منهم من هو محدود الذكاء قليل الإمكانات ولكن عنده عزيمة وثبات وصبر فحصّل هذا ولم يحصّل أولئك إنها العزيمة

همتك العزيمة فاركب *** لا تلقين عصاك دون المطلب

 

 

 

عن admin

x

‎قد يُعجبك أيضاً

مؤلفات وكتب مفتي جمهورية العراق الشيخ الدكتور مهدي بن احمد الصميدعي ..

السيد مهدي بن السيد أحمد بن السيد صالح بن السيد خليل بن السيد موسى بن ...

(( مُجمَلُ اعتِقادِ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ في محبةِ آلِ بَيتِ الرسُولِ الكَريمِ )) .

1- أهلُ السُّنَّةِ يُوجِبونَ مَحبَّةَ أهلِ بَيتِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم، ويجعلون ذلك ...

مفتي الجمهورية هناك أوصاف مهمة في اختيار الصديق الصالح ..