عاجل_ اخبار الدار
الرئيسية / قسم العقيدة / طعم لعبادة

طعم لعبادة

إننا في طريقنا إلى الله سبحانه، مأمورون بعبادته وإخلاص العبادة له سبحانه وتخليصها من شوائب الشرك وخبائث البدع. والمسلم في طريق سيره يحتاج أن يحب العبادة ليصبر عليها ويثبت، ويحتاج أن يشعر بأثرها في قلبه، وبلذتها الإيمانية ليتوق إليها ويتشوق إليها.

والمسلم الذي لم يشعر بحب العبادة ولم يذق طعم حلاوتها سيظل يبحث عن شيء يفقده قد لا يستطيع أن يعبر عنه أو يفصح، وهو سؤال كثير من الناس في كثير من الأحيان عن كونه ربما يؤدي العبادة ظاهرا؛ لكنه يشعر بجفاف قلبي ولا يستشعر بأثرها على نفسه.

ولقد كان عمله صلى الله عليه وسلم كما وصفت عائشة رضي الله عنها في الصحيح: “ديمة” يعني دائمًا ثابتًا، وكان صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح “إذا فعل شيئًا أثبته”، وقد نصح عبد الله بن عمرو فقال له كما في الصحيحين: «لا تكن كَفُلان كان يقوم من الليل فترك قيام الليل» (البخاري).

إذن فالمثابرة على العبادة والثبات عليها هو نهج الشريعة وطريقة الإسلام، وهذا الثبات لا يمكن تحقيقه إلا بحب الطاعة والشعور بمعنى العبادة وأثرها. وقد غفل عن هذا كثير من المربين، فصاروا يوجهون الناس إلى العبادات، ويحثونهم عليها، بل ويعظونهم في عدم تركها، ويغلظون القول للذي لا يثبت عليها، وهم لم يعلّموهم كيف يحبون هذه العبادة؟ وكيف يلتزمون بعبادتهم ربهم؟!

لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه أن ترتبط العبادة بقلوبهم قبل جوارحهم، فلقد كان صلى الله عليه وسلم يقول لبلال: «أرحنا بالصلاة يا بلال» (أبو داوود). فليست الصلاة عبادة بدنية قولية فحسب، إنما هي راحة للقلب وإزالة للهم ولذة للروح، بل لقد كان يوجه الناس في الصلاة توجيهات أخرى، فيوجه المقبل عليها باستحضار كيانه وقلبه وشعوره، ليجعلها وكأنها آخر صلاة له (صلاة مودع)، ثم ينبهه داخل صلاته أنه ليس في حركات بدنية عبادية فحسب، بل إنه: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد» (رواه مسلم).

فصارت الصلاة في توجيهه صلى الله عليه وسلم عبادة غير تلك التي ينقرها الناس نقرًا، أو يؤديها بعضهم أداء، وإن التزم فيها بظاهرها، ولكنه ضيع أثر العبادة على قلبه، فيقوم من الصلاة وقلبه لم يستشعر حلاوتها.

قل مثل ذلك في الصوم، وتحذيره صلى الله عليه وسلم للمسلم من أنه ربما لا ينال من عبادة الصوم سوى أن يمنع نفسه من الطعام والشراب «رب صائم ليس له إلا الجوع والعطش» (النسائي). وليس الأمر كما يفهم كثير من الناس من ذلك الحديث من أنه صلى الله عليه وسلم يأمر الناس بعبادات أخرى أثناء الصيام، كقراءة القرآن والصدقة وملازمة المساجد أثناء الصوم فقط، وإنما يوجهه النبي صلى الله عليه وسلم أن يستشعر معنى التقوى من الصوم، وأن يستشعر معاني الصوم القلبية، ومعاني الزهد الروحية، وكيف يترك الطعام والشراب لله، وكيف معنى العبودية في الصوم، وقل مثل ذلك في باقي العبادات.

إن توصيل معنى العبودية للناس ليس قاصرًا على شرح الأصول لهم، وطريقة العبادة، إنما العبوديـة عبودية القلب كما هي عبودية الجوارح
إننا بحاجة إلى جيل مؤمن، محب للإيمان، محب للطاعة والعبادة، شاعر بحاجته لعبادة ربه، وضرورته لعبودية قلبه لربه، حتى إذا خلا بمحارم الله لم ينتهكها، بل أطاع ربه وحيدًا وبين الناس، وأحسب أنه من الفروق الأساسية بين الصادق والدعيّ؛ حب الطاعة، والشعور بمعنى العبودية.

عن admin

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أسباباً لزيادة الإيمان

أسباباً لزيادة الإيمان ١ – ( معرفة الله تعالى حق المعرفة ) فالله عظيم في ...

اليقين والتوكل حقيقتان لهما طعم وثمر ..

قال ابن مسعود – رضي الله عنه -: ” اليقين أن لا تُرضى الناس بسخط ...

التوكل عند السلف الصالح ..

عن أبي حازم سلمة بن دينار قال: “وجدت الدنيا شيئين: فشيء هو لي، وشيء لغيري، ...