عاجل_ اخبار الدار
الرئيسية / قسم الاسلاميات / الاسلام منظم لحياة البشر

الاسلام منظم لحياة البشر

بسم الله الرحمن الرحيم
م/ الاسلام منظم لحياة البشر


الحَمْدُ للهِ المُتَفَرِدِ بالْعِزِ والإجلال ، المُتَفَضِلِ بالعطاءِ والإفضال ، مُسَخِرِ السَحابِ الثِقال ، جْلَ عن مثلٍ ومِثال ، وتعالى عن حِكَمِ الفِكرِ والخيال قديمٌ لم يزل ولا يزال ، يتفضلُ بالإنَعامِ فإن شُكِرَ زادَ وإن لم يُشكرَ أزال.أحْمَدُهُ تعالى على كلِ حالوأُصلي وأُسلم على رسولهِ محمدٍ أشرفِ من نَطَقَ من الخلقِ وقال وعلى صَاحِبِهِأبي بكرِ باذلِ النفسِ والمال وعلى عُمَر العادلِ فما جار ولا مال وعلى عثمانَ الثابتِ ثبوت الجبال وعلى عليٍ بحرِ العلومِ وبطلِ الأبطال.
جاء الإسلام منظما لحياة البشر‏,‏ مؤكدا على ضرورة الترتيب بين الأشياء بحسب أولويتها وأهميتها بالنسبة للفرد المسلم وللأمة المسلمة‏,‏ قال تعالى‏: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [الزمر:55], وقال أيضا: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [التوبة:19]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ردا على سؤال حول أي الجهاد أفضل؟ فقال: كلمة حق عند سلطان جائر, (سنن النسائي 7/161).

إن تنظيم حياة الإنسان أولاه الإسلام أهمية كبرى ينصب في صالح الإنسان مقدم على البنيان, كما أن مقاصد الشريعة تحث على أولوية الحفاظ على الإنسان وهي: حفظ النفس والعقل والدين والعرض والمال, لذا فترتيب الأولويات من أهم العوامل التي تعمل على حفاظ الإنسان.

ولكن في أغلب الأحيان نجد أن كثيرا من المسلمين يتناولون مسائل فرعية ثانوية لا تغني ولا تسمن من جوع, فانشغلوا بالحديث عن المكروهات والمندوبات وقضايا كثر فيها خلاف الفقهاء, لاهين عن انتشار المحرمات وضياع الفروض والواجبات, وفي هذا يقول الإمام الغزالي: وفرقة أخرى حرصت على النوافل ولم يعظم اعتدادها بالفرائض, ترى أحدهم يفرح بصلاة الضحى وبصلاة الليل وأمثال هذه النوافل, ولا يجد للفريضة لذة ولا يشتد حرصه على المبادرة بها في أول الوقت وينسى قوله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: «ما تقرب إلي عبدي بمثل أداء الفرائض» مؤكدا أن ترك الترتيب بين الخيرات من جملة الشرور وواصفا من لم يحفظ الترتيب في ذلك بأنه مغرور (إحياء علوم الدين 3/29)، وهذه الخلافات على النوافل والمندوبات والمبالغة والإسراف في الشكليات والمظاهر في مجالات الحياة اليومية تؤدي إلى ضياع المقاصد والمعاني وضياع الجهد والوقت وتوسيع دائرة الخلافات بين المسلمين, وهو أمر يخالف تعاليم الشريعة, قال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال:46].

وهم بذلك انشغلوا عن تحقيق الأمر الإلهي من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وفي هذا يتحقق قول ربنا سبحانه وتعالى في ذم بني إسرائيل: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة:78-79].

إن اختلال الموازين هذا عالجته الشريعة من خلال الحث على الفهم الصحيح للواقع المعيش وإدراك المقاصد الكلية والأهداف الرئيسة من التعاليم والمبادئ التي أقرتها الشريعة, فإدراك الواقع وفهمه حري بأن يؤدي إلى استنتاجات واضحة, ونتائج سليمة, وحكم صحيح, وفي ذلك يقول ابن القيم حول الحاكم والمفتي: ولا يتمكن المفتي ولا الحاكم من الفتوى والحكم بالحق إلا بنوعين من الفهم: أحدهما: فهم الواقع والفقه فيه واستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن والأمارات والعلامات حتى يحيط به علما, والنوع الثاني: فهم الواجب في الواقع, (إعلام الموقعين 1/88).

فالمسلم مطالب بالسعي نحو الأفضل والأكمل وتقديم الأولى وتحصيل المصالح دون المفاسد, وهو بذلك مطالب ببذل قصارى جهده لتحقيق الأولى في كل ما يقوم به من أعمال دنيوية وأخروية, بل حث الإسلام على ضرورة الوصول إلى الكمال أو بذل الجهد في الوصول إليه. كما أن بعضا من المسلمين أساءوا التقدير في تقديم المصالح والمفاسد, حيث يغيب عنهم فقه الواقع والقدرة على استنباط الأحكام التي تتناسب وتطورات العصر ومعطياته التي تنبثق عنها قضايا مصيرية وملحة تقتضي وحدة المسلمين والتفاتهم لمواجهتها والعمل على حلها. إن الاهتمام بالقضايا الكبرى التي تهم الأمة الإسلامية في العصر الحديث واجب علماء الأمة ومفكريها وأولي الأمر فيها, فالاهتمام بالبحث العلمي، وتطوير التعليم, وتنمية الاقتصاد القومي للبلاد, وتفعيل المشاركة الإيجابية في العمل الوطني بين شرائح المجتمع المختلفة, أولى من تكرار حج وعمرة أو بناء مسجد بجوار مسجد, كما أن المساهمة في المشاريع الخيرية وعلاج المرضى ورعاية الأيتام وإيجاد أعمال لمن لا عمل لهم أولى من إنفاق الأموال الطائلة في مظاهر وشكليات لا فائدة منها.

عن admin

x

‎قد يُعجبك أيضاً

(( مُجمَلُ اعتِقادِ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ في محبةِ آلِ بَيتِ الرسُولِ الكَريمِ )) .

1- أهلُ السُّنَّةِ يُوجِبونَ مَحبَّةَ أهلِ بَيتِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم، ويجعلون ذلك ...

مفتي الجمهورية هناك أوصاف مهمة في اختيار الصديق الصالح ..

مفتي الجمهورية يطالب بمحاسبة الرادود الذي تجاوز على مقام أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

استنكر سماحة مفتي الجمهورية حجة الاسلام والمسلمين الشيخ الدكتور مهدي بن احمد الصميدعي ممتعضاً ومتأسفاً ...