بسم الله الرحمن الرحيم
إلى شيوخ العشائر المحترمين
بسم الله والحمد لله القائل (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) الأعراف، والصلاة والسلام على نبيه محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
إخوتي شيوخ العشائر يا أهل العرف وأصحاب القرار:
تفرض الأحداث والوقائع علينا أن لا نعيش بعيداً عن واقع وهموم أهلينا، ولا يمكن للشيوخ المحترمين إلا أن يكونوا في قلب الحدث وإلا أن يكونوا مشاركين فيما يتعلق بحياة الناس والمسلمين على وجه الخصوص، موجهين لهم في المنعطفات المهمة والملمات ودليلاً لإتباعهم إلى الخيرات.
إخوتي:
ها هي دقات الساعة تأذن بعدٍ تنازلي لحدثٍ كبير ينتظرنا جميعاً، كبير بكل المقاييس، كبير في معناه، كبير في مبناه، وكبير في آثاره سلباً أو إيجاباً، وكبير فيما يترتب عليه من مصالح الدين والدنيا- أو مفاسد- وهو من المنعطفات الخطيرة التي لا ينبغي للشيخ المسلم الفاعل أن يكون فيها متردداً يُقدم خطوة ويُؤخر خطوتين، ولا ينبغي أن نبني حكمنا على حدث جزئي، أو إنطباع شخصي أو ظرف طارئ أو شبهة مستحدثة، أو إشاعة مُغرضة، أو تبعاً لرأي غير مستوعب للواقع وطبيعة التحديات، بل لا بدّ أن يُراعى وينظر في هذا الحكم المصلحة العامة للأمة والبلد والعشيرة في الحاضر والمستقبل.
فهل آن الأوان أن نفهم التحديات التي تواجهنا، وهل آن الأوان أن نتجاوز خلافاتنا الشخصية والعشائرية ونستعلي على جراحاتنا ونسجل موقفاً مشهوداً تكون شاهداً لنا يوم الحشر ونستجيب لقوله تعالى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة2، ولقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم ( المؤمن كيّس فطن).
اخوتي في الله : معاشر شيوخ العشائر:
يقول سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه (إنّ الله ليزع بالسلطان مالايزع بالقران)، وكل شيخ سلطان في عشيرته وانطلاقا من هذا الاثر وهذه المقولة لا أتصور أن أحداً منا لازالت لديه شكوك في الاثار السلبية للإنسحاب والإبتعاد عن مواضع القرار ومواقع التمكن والمساهمة في بناء هذا البلد….
اللهم إلا الذي يعيش في وادٍ آخر بعيداً عن الواقع الذي نحياه..
والظروف التي نمر بها في عراقنا الجريح، وفي الواقع الذي عشناه دليلٌ لما قلناه، وليس الأمس القريب عنا ببعيد..
لقد عشناها سنوات عجاف من الآلام والدماء والتهجير والإعتقال ومررنا بظروف قاسية لم يكن لها نظير ولا مثيل في التاريخ، نعم لقد عشناها آهات وآنات، فضج في أسماعنا صراخ الأرامل من نسائنا الحيارى وفتّ في أكبادنا عويل أطفالنا اليتامى ومزق نباط قلوبنا أنين الأمهات الثكالى، وليس بكاء الأم على ولدها ككل بكاء، فكان من ثمار إنسحابنا واقعاً بائساً بكل ما تعنيه الكلمات من معنى، نعم لقد كانت أياماً سوداء كالحة السواد قلما يوجد لها نظير في التاريخ القديم والحديث ونحسب أن كل ذلك قد حصل بسلبيتنا وابتعادنا عن الموقف الصحيح المطلوب من المشايخ في مثل هذا المنعطف الخطير، ولا ضير أن نعترف أننا لم نحسن تقدير الموقف كما ينبغي.
واليوم وقد نفس الله تعالى عنا ما كنا فيه، ولا نريد أن نكرر المأساة ونحن على أعتاب منعطف كبير آخر، ولا ينبغي للمؤمن أن يفعل ذلك (فلا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين).
فإن هيئة أهل السنة والجماعة في العراق تدعوكم أيّها المشايخ الكرام للإلتفاف حولها، لأن المسؤولية الشرعية والوطنية تقتضيكم أن لا تنزووا بل تشاركوا بفاعلية وتضعوا أيديكم بيد المخلصين والقادرين للخروج بكم وبالعراق من هذا الدهليز الموحش والكهف المظلم والواقع المزري متمثلين بقول الله عزّ وجل على لسان الملك العادل ذي القرنين (فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردماً).
نعم أعيونوا إخوانكم في هذه الهيئة أولاً لتخطي حاجز السلبية والإنتقال الى المواقف المطلوبة –المكافئ لمستوى التحدي الذي نواجهه- وأعينوهم في كشف شبهات المثبطين وإلقاءات الشياطين من الإنس والجن.
أخي شيخ العشيرة: إنّك مسؤول أمام الله تعالى لإيداء هذه المهمة مهمة المسؤولية عن أفراد عشيرتك على الوجه الذي يرضاهُ الله تعالى واسمعوا لقول نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم (من ولي من أمر المسلمين شيئاً، فأمّر عليهم أحداً مُحاباة فعليه لعنة الله، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً حتى يُدخله جهنم، ومن أعطى أحداً حمى الله فقد انتهك في حمى الله شيئاً بغير حقه فعليه لعنة الله –أو قال- تبرأت منه ذمة الله عزّ وجل) أخرجه أحمد.
والحمد لله رب العالمين
الشيخ ابو يحيى الفداغي
مكتب شؤون العشائر
12 \ 6 \ 2013