السائل محمد علي يسأل _ السلام عليكم سماحة المفتي حكم من يغطي وجهه في الصلاة رجال ونساء وخاصة في وباء كارونا أفتونا مأجورين الله يرحم والديك .
أجاب على السؤآل سماحة مفتي جمهورية العراق الشيخ الدكتور مهدي بن مهدي أحمد الصميدعي ( سدده الله تعالى )الحمد لله رب العالمين وصلى الله تعالى وسلم على نبيه الأمين وآله الطاهرين وصحابته أجمعين وبعد : حفظ الله عوائلكم وأنفسكم وجميع المسلمين من جائحة كورونا وثبتنا الله وإياكم على اتباع الحق والسنة _ الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال _ نهَى رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أن يغطِّيَ الرَّجلُ فاهُ في الصَّلاةِ ) أخرجه الألباني في صحيح ابن ماحة برقم /798 وخلاصة الحديث حسن … وحديث أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ نَهى عنِ السَّدلِ في الصَّلاةِ وأن يغطِّيَ الرَّجلُ فاهُ الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود وخلاصة الحديث حسن … فللصَّلاةِ آدابٌ على المسلمِ أن يُراعِيَها؛ فهو واقفٌ بينَ يدَي ربِّه ومولاه، وقد عَلَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما ينبَغي أن نفعَلَه، وما ينبَغي أن نَجتَنِبَه فيها، وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أبو هريرةَ رضِيَ اللهُ عنه: “أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهى عَنِ السَّدْلِ في الصَّلاةِ”، والسَّدْلُ هو: إرسالُ اليدِ وبَسْطُها في الصَّلاةِ، والهيئةُ الصَّحيحةُ: أن يضَعَ المرءُ يدَيْه على صدرِه، ويمينَه فوقَ شِمالِه، وقيل: هو: إسدالُ الثِّيابِ وإرسالُها إلى الأرضِ، أو عَلى الجانِبَيْنِ، أو على كَتِفَيْه وصَدرِه، وهذه كلُّها هيئاتٌ لِسَدْلِ وإرسالِ الثِّيابِ، والإرسالُ إلى الأرضِ مِن الخُيَلاءِ، ويَنْشَغِلُ المُصلِّي بِطَيِّها وجَمْعِها عندَ حرَكاتِ الصَّلاةِ، “أن يُغطِّيَ الرَّجلُ فاه”، أي: ونهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن تغطيةِ الفَمِ بأيِّ شيءٍ؛ مثلِ: التَّلَثُّم بثَوبٍ أو طرَفِ العِمامةِ، أو وَضْعِ الكِمامةِ على الفَمِ؛ لأنَّ ذلك يُعيقُ عن القراءةِ في الصَّلاةِ، ويُعيقُ عن إتمامِ السُّجودِ وعليه تكره كراهة تنزيه تغطية الفم في الصلاة إلا لحاجة؛ كالتثاؤب ووجود رائحة كريهة وما شابه. والله أعلم هذه خلاصة الفتوى.
ولكن أكثر أهل العلم من السلف والخلف ذهبوا إلى الكراهة، استدل بعضهم بالحديث، وجعله البعض من الأدب في مناجاة الله، وعلل بعضهم بغير ذلك، ونص بعضهم على كراهته كراهة تنزيهية إلا عند الحاجة كالتثاؤب ووجود رائحة كريهة، وأجازه البعض.
أما تغطية الأنف فاختلفوا في كراهتها، وإدخالها في التلثم …… قال ابن المنذر في الأوسط (3/ 451): “ذكر النهي عن تغطية الفم في الصلاة بلفظ مجمل”…. فذكر حديث أبي هريرة، ثم قال: “كثير من أهل العلم يكره تغطية الفم في الصلاة، وممن روي عنه أنه كره ذلك: ابن عمر، وأبو هريرة، وبه قال عطاء، وابن المسيب والنخعي، وسالم بن عبد الله، والشعبي، وحماد بن أبي سليمان، والأوزاعي، ومالك، وأحمد، وإسحاق واختلف فيه عن الحسن، فروي عنه أنه كره ذلك، وذكر الأشعث أنه كان لا يرى به بأساً”….. وقال: “ذكر الدليل على أنه إنما نهى عن تغطية الفم في الصلاة في غير حال التثاؤب؛ لأنه أمر بتغطيته إذا تثاءب”…. وقال: “وكل من أحفظ عنه من أهل العلم يكره التلثم وتغطية الفم في الصلاة إلا الحسن، فإنه كره التلثم ورخص في تغطية الفم، وممن كره تغطية الفم في الصلاة: عطاء، والشعبي، والنخعي، وسالم بن عبد الله، وحماد بن أبي سليمان، ومالك، وأصحاب الرأي. وكره ابن عمر، وسعيد بن المسيب، والحسن البصري، والأوزاعي، ومالك، وأحمد، وإسحاق التلثم في الصلاة”… وروى بإسناده “عن ابن جريج قال: سئل عطاء أيصلي الرجل وهو مخمر فاه؟ قال: «أحب إلي أن تنزعه من فيك» إني سمعت أبا هريرة يقول: «إذا صليت فإنك تناجي ربك»”. انتهى … وقال النووي في المجموع (3/ 179): ويكره أن يصلي الرجل متلثما أي مغطيا فاه بيده أو غيرها ويكره أن يضع يده على فمه في الصلاة إلا إذا تثاءب فإن السنة وضع اليد على فيه ففي صحيح مسلم عن أبي سعيد إن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” إذا تثاءب أحدكم فليمسك بيده على فيه فإن الشيطان يدخل ” والمرأة والخنثى كالرجل في هذا وهذه كراهة تنزيه لا تمنع صحة الصلاة … وقال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (2/ 193): قوله: «واللثام على فمه وأنفه» أي: يكره اللثام على فمه وأنفه بأن يضع «الغترة» أو «العمامة»، أو «الشماغ» على فمه، وكذلك على أنفه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يغطي الرجل فاه في الصلاة، ولأنه قد يؤدي إلى الغم وإلى عدم بيان الحروف عند القراءة والذكر. ويستثنى منه ما إذا تثاءب وغطى فمه ليكظم التثاؤب فهذا لا بأس به، أما بدون سبب فإنه يكره، فإن كان حوله رائحة كريهة تؤذيه في الصلاة، واحتاج إلى اللثام فهذا جائز؛ لأنه للحاجة، وكذلك لو كان به زكام، وصار معه حساسية إذا لم يتلثم، فهذه أيضاً حاجة تبيح أن يتلثم. انتهى .. وانظر شرح السنة للبغوي (2/ 428).
المكتب العلمي للدراسات والبحوث / قسم الفتوى
الثلاثاء 26 صفر 1442 هجرية 13 تشرين ثاني 2020