عاجل_ اخبار الدار
الرئيسية / قسم الاسلاميات / كلام مهم ومؤثر للغاية ..

كلام مهم ومؤثر للغاية ..

قال الشيخ عبد الحميد بن باديس ـ رحمه الله ـ: رَأَيْنَا كَمَا يَرَى كُلُّ مُبْصِرٍ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ ـ مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ مِنِ انْحِطَاطٍ فِي الخُلُقِ، وَفَسَادٍ فِي العَقِيدَةِ، وَجُمُودٍ فِي الفِكْرِ، وَقُعُودٍ عَنِ العَمَلِ، وَانْحِلَالٍ فِي الوَحْدَةِ، وَتَعَاكُسٍ فِي الوِجْهَةِ، وَافْتِرَاقٍ فِي السَّيْرِ، حَتَّى خَارَتِ النُّفُوسُ القَوِيَّةُ، وَفَتَرَتِ العَزَائِمُ المُتَّقِدَةُ، وَمَاتَتِ الهِمَمُ الوَثَّابَةُ، وَدُفِنَتِ الآمَالُ فِي صُدُورِ الرِّجَالِ، وَاسْتَوْلَى القُنُوطُ القَاتِلُ وَاليَأْسُ المُمِيتُ، فَأَحَاطَتْ بِنَا الوَيْلَاتُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، وَانْصَبَّتْ عَلَيْنَا المَصَائِبُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ( 1 ) .

رَأَيْنَا هَذَا كُلَّهُ كَمَا رَآهُ المُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ، وَذُقْنَا مِنْهُ الأَمَرَّيْنِ مِثْلَهُمْ، فَفَزِعْنَا إِلَى اللهِ الَّذِي لَمْ تَسْتَطِعْ هَذِهِ الأَهْوَالُ وَالمَصَائِبُ كُلُّهَا أَنْ تَمَسَّ إِيمَانَنَا بِهِ، وَتُزَعْزِعَ ثِقَتَنَا فِيهِ، فَاسْتَغَثْنَا وَاسْتَجَرْنَا وَاسْتَخَرْنَا، وَتَوَسَّلْنَا إِلَيْهِ ـ جَلَّ جَلَالُهُ ـ بِالإِيمَانِ وَبِسَابِقِ آلَائِهِ، وَجَأَرْنَا إِلَيْهِ بِأَسْمَائِهِ، فَهَدَانَا ـ وَلَهُ المِنَّةُ ـ إِلَى النُّورِ الوَضَّاءِ الوَهَّاجِ الأَتَمِّ، وَالمِنْهَاجِ الوَاضِحِ الأَقْوَمِ، هَدَانَا إِلَى سُنَّةِ سَيِّدِنَا الأَكْرَمِ، وَقُدْوَتِنَا الأَعْظَمِ: سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

عَرَفْنَا ـ مِمَّا هَدَانَا إِلَيْهِ رَبُّنَا ـ الحَقَّ الَّذِي لَا يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ، وَالهُدَى الَّذِي مَا بَعْدَهُ إِلَّا الضَّلَالُ، وَسَبِيلَ النَّجَاةِ الَّتِي مَا فِي مُخَالَفَتِهَا إِلَّا الهَلَاكُ، وَالدَّوَاءَ الَّذِي بِدُونِهِ لَا تَبْرَأُ النُّفُوسُ مِنْ أَدْوَائِهَا وَلَا تَظْفَرُ بِالقَلِيلِ مِنْ شِفَائِهَا، فَحَمِدْنَا اللهَ عَلَى مَا هَدَانَا، وَعَقَدْنَا العَزْمَ عَلَى المُحَافَظَةِ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ وَشُكْرِهَا، وَمَا شُكْرُهَا إِلَّا فِي العَمَلِ بِهَا وَبِنَشْرِهَا، وَأَشْفَقْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا مِنْ تَبِعَةِ الكِتْمَانِ، وَمَا جَاءَ فِيمَنْ لَا يُحِبُّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ مِنْ ضَعْفِ الإِيمَانِ، فَأَخَذْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا دَعْوَةَ النَّاسِ إِلَى السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ المُحَمَّدِيَّةِ وَتَخْصِيصِهَا بِالتَّقَدُّمِ وَالأَحَجِّيَّةِ، فَكَانَتْ دَعْوَتُنَا ـ عَلِمَ اللهُ، مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ ـ إِلَيْهَا، وَالحَثَّ عَلَى التَّمَسُّكِ وَالرُّجُوعِ إِلَيْهَا، وَنَحْنُ اليَوْمَ عَلَى مَا كُنَّا سَائِرُونَ، وَإِلَى الغَايَةِ الَّتِي سَعَيْنَا إِلَيْهَا قَاصِدُونَ، وَقَدْ زِدْنَا ـ مِنْ فَضْلِ اللهِ ـ أَنْ أَسَّسْنَا هَذِهِ الصَّحِيفَةَ الزَّكِيَّةَ، وَأَسْمَيْنَاهَا: «السُّنَّةَ النَّبَوِيَّةَ المُحَمَّدِيَّةَ» لِتَنْشُرَ عَلَى النَّاسِ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي سِيرَتِهِ العُظْمَى، وَسُلُوكِهِ القَوِيمِ، وَهَدْيِهِ العَظِيمِ، الَّذِي كَانَ مِثَالًا نَاطِقًا لِهَدْيِ القُرْآنِ، وَتَطْبِيقًا لِكُلِّ مَا دَعَا القُرْآنُ إِلَيْهِ بِالأَقْوَالِ وَالأَفْعَالِ وَالأَحْوَالِ، مِمَّا هُوَ المَثَلُ الأَعْلَى فِي الكَمَالِ، وَالحُجَّةُ الكُبْرَى عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الإِسْلَامِ؛ فَالأَئِمَّةُ كُلُّهُمْ يَرْجِعُونَ إِلَيْهَا، وَالمَذَاهِبُ كُلُّهَا تَنْطَوِي تَحْتَ لِوَائِهَا، وَتَسْتَنِيرُ بِضَوْئِهَا، وَفِيهَا وَحْدَهَا مَا يَرْفَعُ أَخْلَاقَنَا مِنْ وَهْدَةِ الِانْحِطَاطِ، وَيُطَهِّرُ عَقِيدَتَنَا مِنَ الزَّيْغِ وَالفَسَادِ، وَيَبْعَثُ عُقُولَنَا عَلَى النَّظَرِ وَالتَّفْكِيرِ، وَيَدْفَعُنَا إِلَى كُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ، وَيَرْبِطُ وَحْدَتَنَا بِرِبَاطِ الأُخُوَّةِ وَاليَقِينِ، وَيَسِيرُ بِنَا فِي طَرِيقٍ وَاحِدٍ مُسْتَقِيمٍ، وَيُوَجِّهُنَا وِجْهَةً وَاحِدَةً فِي الحَقِّ وَالخَيْرِ، وَيُحْيِي مِنَّا النُّفُوسَ وَالهِمَمَ وَالعَزَائِمَ، وَيُثِيرُ كَوَامِنَ الآمَالِ، وَيَرْفَعُ عَنَّا الإِصْرَ وَالأَغْلَالَ، وَيُصَيِّرُنَا ـ حَقًّا ـ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ: تَأْمُرُ بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ وَتُؤْمِنُ بِاللهِ..».

مكتب رعاية العلماء / قسم الارشاد

الإثنين 7 رجب 1441 هجرية 2 آذار 2020

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 . هذه صُوَرٌ عمليَّةٌ ذَكَرها ابنُ باديس ـ رحمه الله ـ عن حالِ أهلِ زمانِه القريبِ منَّا، بسببِ بُعْد الناس عن عهد النبوَّة، وسببِ فتنة الشُّبُهات والأهواء المُضِلَّة التي هي ـ في نظرهم ـ منتهى فضيلتِهم وعملِهم، والشهواتِ التي هي غاياتُ مَقاصِدِهم وإراداتِهم، فذَكَر منها: فسادَ الاعتقاد وما ينجرُّ عنه، وموتَ السُّنَنِ واندثارَها، وانتشارَ البِدَعِ وفُشُوَّها، وانحطاطَ الأخلاقِ وانحلالَهَا، والقُعودَ عن العمل مع استيلاء القُنوط القاتلِ واليأس المُميت، والافتراقَ في السير مع الحيرة، والانفكاكَ في الوحدة مع تَعاكُسِ الوِجْهة، وغيرَها مِنْ مظاهرِ غُربة الإسلام، حيث يُصبِحُ أهلُ السُّنَّةِ ـ عند فساد الزمان والأحوال ـ هم الغُرَباءَ «الَّذِينَ يَصْلُحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ» [أخرجه أحمد في «مسنده» (٤/ ٧٣) مِنْ حديثِ عبد الرحمن بنِ سَنَّةَ رضي الله عنه؛ وأخرجه الطبرانيُّ في «المُعجَم الكبير» (٨/ ١٧٩) مِنْ حديثِ أبي الدرداء وأبي أمامة وواثلةَ بنِ الأسقع وأنس بنِ مالكٍ رضي الله عنهم. وانظر: «السلسلة الصحيحة» للألباني (٣/ ٢٦٧)]، وهم «الَّذِين يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ مِنْ بَعْدِي مِنْ سُنَّتِي» كما وَصَفهم النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم [أخرجه الترمذيُّ في «الإيمان» (٥/ ١٨) بابُ ما جاء أنَّ الإسلام بَدَأ غريبًا وسيعود غريبًا، مِنْ حديثِ كثير بنِ عبد الله بنِ عمرو بنِ عوفٍ المُزَنيِّ عن أبيه عن جدِّه رضي الله عنه. وإسنادُه واهٍ جدًّا، قال الألبانيُّ في «المشكاة» (١/ ٦٠): «لكنَّ الحديثَ قد صحَّ غالِبُه مِنْ وجوهٍ أخرى»، وانظر: «كشف الكُرْبة» لابن رجب (٢٢ ـ ٢٥)].

وقد ذَكَر ابنُ القيِّم ـ رحمه الله ـ صفاتِ الغُرَباء في [«مدارج السالكين» (٣/ ١٩٨)] بقوله: «ومِنْ صفات هؤلاء الغُرَباء الذين غَبَطهم النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: التمسُّكُ بالسُّنَّة إذا رَغِب عنها الناسُ، وتركُ ما أحدثوه وإِنْ كان هو المعروفَ عندهم، وتجريدُ التوحيد وإِنْ أَنكرَ ذلك أكثرُ الناس، وتركُ الانتساب إلى أحَدٍ غيرِ الله ورسولِه، لا شيخٍ ولا طريقةٍ ولا مذهبٍ ولا طائفةٍ، بل هؤلاء الغُرَباءُ مُنتسِبون إلى الله بالعبوديَّة له وَحْدَه، وإلى رسوله بالاتِّباع لِمَا جاء به وَحْدَه».

وجاء عنه ـ رحمه الله ـ في وصف الواحد مِنَ الغُرَباء في [«المصدر السابق» (٣/ ١٩٩ ـ ٢٠٠)] قولُه: «فهو غريبٌ في دِينه لفسادِ أديانهم، غريبٌ في تمسُّكه بالسُّنَّة لِتَمسُّكِهم بالبِدَع، غريبٌ في اعتقادِه لفسادِ عقائدهم، غريبٌ في صلاته لسُوءِ صلاتهم، غريبٌ في طريقه لضلالِ وفسادِ طُرُقهم، غريبٌ في نِسبَتِه لمخالفةِ نِسَبِهم، غريبٌ في مُعاشَرتِه لهم لأنه يُعاشِرُهم على ما لا تهوى أَنْفُسُهم».

عن admin

x

‎قد يُعجبك أيضاً

مفتي الجمهورية يلتقي في حرم جامع أم الطبول الجامع الأم عددا من الشباب طلاب العلم الشرعي ويشحعهم على اصوليات المذهب ..

مفتي الجمهورية يلتقي في حرم جامع أم الطبول الجامع الأم عددا من الشباب طلاب العلم ...

وقائع الاحتفالية التي اقامتها الامانة العامة لدار الافتاء لمرور 12 عشر سنة على اعادة افتتاحها في وسط العاصمة العراقية بغداد .

وقائع الاحتفالية التي اقامتها الامانة العامة لدار الافتاء لمرور 12 عشر سنة على اعادة افتتاحها ...

مؤلفات وكتب مفتي جمهورية العراق الشيخ الدكتور مهدي بن احمد الصميدعي ..

السيد مهدي بن السيد أحمد بن السيد صالح بن السيد خليل بن السيد موسى بن ...