السائل طالب الدكتوراه عزيز علي الحشماوي يسأل _ السلام عليكم ورحمة الله سماحة مفتي الجمهورية
حفظكم الله ـ أرجوا الإجابةَ عن النقطتين فيما أدناه ، وهما متعلِّقان بتعريف القاعدة الفقهية.
١. في الاستغناء عن لفظِ: «كُلِّي» بعد عبارةِ: «أصلٌ فقهيٌّ» بحجَّةِ أنَّ قيدَ: «يجمع في ذاته» تغني عنه، ولكِنْ هل ترَوْنَ أنَّ إبقاءه أَوْلى مِنْ نزعه، وذلك ليفهم قارئَه أنَّ صاحِبَ هذا الحدِّ يرى أنَّ الراجح وصفُ القاعدة الفقهية ﺑ «كلِّية» لا «أغلبية»، ويكون هذا اللفظ مُؤكِّدًا لكونها جامعةً، وفاصلًا في المسألة المُختلَفِ فيها.
٢. هل الأَوْلى تقديمُ لفظِ «مِنْ أبوابٍ شتَّى» على لفظِ «بلا واسطة»؛ وذلك لأنَّ الأوَّل تابعٌ لِمَا قبله وهو «أحكام جزئية»؛ فتُوصَف بأنَّها مِنْ أبوابٍ شتَّى، ثمَّ طريقة جمعها لهذه الجزئيات وهي «بلا واسطة».
نرجو الإجابةَ عن هذين الطرحين، وجزاكم الله عنَّا خيرَ الجزاء.
أجاب على السؤآل سماحة مفتي جمهورية العراق الشيخ الدكتور مهدي بن احمد الصميدعي ( سدده الله تعالى ) الحمد لله رب العالمين وبه نستعين والصلاة والسلام على امام المتقين وقائد الغر المحجلين نبينا محمد الأمين واله وصحبه أجمعين وبعد : المعلوم أنَّ التعريف: هو تحديد الشيء بذِكرِ خواصِّه المتميِّزة بحيث يكون جامعًا لكُلِّ خصائصه ومميِّزاته، مانعًا مِنْ إقحامِ غيره فيه.
والأصل في التعريفات أَنْ تقتصر على الألفاظ الدالَّة المحدَّدة للمعرَّف بها، فإن اكتفى ـ في تعريفه ـ بفائدة التأسيس فيهنَّ فإنَّ التأكيد يَرِد على شرح التعريف، لكِنْ إذا كان التعريف لا يظهر معناه إلَّا بمؤكِّدٍ لفظيٍّ فإدخالُه لا يُثْقِل التعريفَ، بل يُساعِده في الفهم.
وعليه، فإِنْ رأى السائلُ الاحتفاظَ بتعريف القاعدة بوصفِ «الكُلِّية» كلفظٍ مؤكِّدٍ للتعريف لحاجة التعريف له في زيادة الفهم والبيان وتقرير المسألة المختلَفِ فيها بين «الكُلِّية» و«أغلبية» فله أَنْ يَستبقِيَها، ومَنْ رأى غيرَ ذلك فله أَنْ يتناول تفصيلَها بالبيان حالَ شرح التعريف، والعلم عند الله تعالى.
أمَّا جملةُ «بلا واسطة» فهي جملةٌ اعتراضيةٌ تعترض بين شيئين يحتاج كُلٌّ منهما الآخَرَ، فقَدْ اعترضَتْ بين عبارةِ: «أحكام جزئية» وبين «مِنْ أبوابٍ شتَّى»، ومَفادُ هذا الاعتراضِ ـ كما يقول النُّحاةُ ـ توكيدُ الجملة وتقويتُها، أي: أنَّ القاعدة الفقهية تستغني عن الواسطة في جمعِها الأحكامَ الجزئية، وتُفيدُ ذلك مُباشَرةً؛ بالنظر لتعلُّقها بفعل المكلَّف؛ فهو قيدٌ يُحترَزُ به مِنَ «القاعدة الأصولية».
بينما إيرادُ عبارةِ «مِنْ أبوابٍ شتَّى» تقصُّدًا للاحتراز مِنَ «الضوابط الفقهية»، ولا يخفى أنَّ الاحتراز مِنَ الأوَّل أَوْلى مِنَ الاحتراز مِنَ الثاني.
المكتب العلمي للدراسات والبحوث / قسم الفتوى
الإثنين 26 ربيع ثاني 1441 هجرية 23 كانون أول 2019