يعتبر الشيخ الدكتور مهدي الصميدعي ، في العراق امام وخطيب جامع شيخ الإسلام ابن تيمية في بغداد رمزا وطنيا واسلاميا تفخر به الامة ويفخر به ابناء العراق المجاهدون للذود عن شرف الوطن والعروبة والاسلام.
بفراسة المؤمن المجاهد سجل موقفه الرافض لاحتلال الارض والدم والعرض قبل أن تطأ اقدامهم النجسة تراب عراقنا الطاهر .
قاتل لاجل الوطن والدين والشعب العراقي بكل طوائفه وانتماءاته.
قاتل ضد الطاغوت والجبروت ونهيق الباطل
وكان لنا الشرف في ان نجري هذا الحوار المقتضب لجزء من تجربته الوطنية والبطولية في غياهب سجون الاحتلال ومرتزقته.
• اين ومتى اعتقلتكم؟
بسم الله الرحمن الرحيم ونعوذ بالله تعالى من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا ،اما بعد:
الاعتقال الاول كان في 1\1\2004عن طريق مداهمة لجامع ابن تيمية الذي كنت خطيبا واماما له واطلق سراحي يوم6\6\2004لاني دخلت السجن حينها باسم غير اسمي وهذا ماجعلهم يعتقلوني للمرة الثانية في 11\11\2004 ثم تم اطلاق سراحي في 31\12\2008
• حسب مااظهرته وسائل الاعلام بعد فترة من القبض عليكم ان هناك اسلحة كانت موجود في جامع ابن تيمية الذي كنتم فضيلتكم خطيبا واماما له.
هو احتلال والاحتلال عنده طرق كثيرة للاحتيال..جيد انهم قاموا باحضار الاسلحة واظهروها اهون من ان تكون امورا اخرى.
• اذن كانت التهمة ملفقة ؟
نعم.هم من قام بوضع الاسلحة بمساعدة جنود من الحرس الوطني العراقي ،وانها لم تكن موجودة اصلا في المسجد.
• نقل عنكم مقابلتكم للجنرال بترايوس (القائد الاعلى للقوات الامريكية في العراق) داخل المعتقل
انا لم اكن اعرف اسمه سابقا ولكن المذيع الذي اجرى المقابلة معي هو من اخبرني بذلك.
• انكم اتهمتموه بالكذب وجها لوجه…؟
نعم هذا صحيح،لانه كان قد قال بانهم قد وجدوا اثناء مداهمة المسجد صواريخ ارض ارض واسلحة ثقيلة بالاضافة الى عدد من المقاتلين العرب والاجانب بجانب عدد كبيرجدا من الاسلحة.
هو سالني فقلت له عيب ان تكذب فمن المصطلحات والادبيات القديمة ان القائد لايكذب.لان الذي يكذب هو من يحتاج للكذب.فالاب لايكذب على ابنه لانه صاحب قوة بيد ان الابن يكذب خوفا من ابيه.
عيب ان تكذب لانك تمثل شعب وحضارة وتاريخ ..والتاريخ سيذكر عنك هذه اللحظة وانا متاكد انك تكذب فماهي حاجتك الى ذلك وانا سجين عندكم؟!
سكت هنية ثم قال مامعناه:اننا تورطنا…اذا رافقنا جيش عراقي سني سيتستر، واذاكان شيعي فسياتي بالاسلحة ليضعها في المسجد.
قلت له:يعني انك متاكد ان المسجد لم يكن فيه أي اسلحة
قال:نعم لم يكن هناك أي اسلحة…انا اعلم انك تحب وطنك..لكن علي ان اكذب لكي احمي جنودي.
• لو لم تصرح القيادة الامريكية على لسان بوش بانها حرب صليبية،هل كنتم ستتخذون نفس الموقف ورفع راية المقاومة؟
بالنسبة لي فقد قاتلت القوات الامريكية يوم 11/4عام2003 أي بعد يومين من احتلال بغداد،والرئيس الامريكي قال كلمته تلك بانها حرب صليبية في الشهر التاسع من نفس العام
• اكان هذا الموقف استقراءا بانها حرب صليبية؟
حتى لو لم تكن كذلك،فهو احتلال لوطني من قبل جيش جرار عرمرم،لذلك فنحن نقاتل عن ارضنا وديننا وهذا ماامرنا به ربنا سبحانه وتعالى.
• هل يذكر لنا فضيلتكم جانبا من الامور المحضورة على السجناء في سجن ابي غريب او سجون الاحتلال الامريكي الاخرى
من المحضورات التي كان يمارسها جنود الاحتلال الامريكي ضد السجناء
اولا:منع السجين من وضع شيء يغطي به رأسه رغم الحر والاتربة والامطار،وهذه الممارسة كانت تطبق ضد السجناء في حال وجودهم خارج الكمب(الكرفان الخشبي)،أي عندما ياخذونك خارجا للتحقيق او الى المحكمة او المستشفى فلا يحق وضع غطاءا على راسك.
• مالمقصود من هذه الممارسة تجاه السجناء بالرغم من سوء الاحوال الجوية الدائمة وحرارة الشمس صيفا والامطار شتاءا.؟
اعتقد انها ممارسة كفائية جزائية مستقاة خلافا للمقررات العمرية،اذ منع عمر بن الخطاب(رض) النصارى من ارتداء غطاءا للراس مشابها لما يرتديه المسلمون لغرض التمييز.
ثانيا:كان جنود الاحتلال يحاولون دوما المشي بالمعتقلين محاذاة اليسار وليس اليمين،وهذه كانت ايضا من المقررات العمرية تجاه النصارى انذاك اذ كان رضي الله عنه يمنعهم من المشي مجانبة الى اليمين ويمنعهم ايضا من ركب الحصان او البغلة ولهم مادون ذلك كالبردعة حاسرين الرؤوس.
• اذن القصد من ذلك لم يكن امنيا
لا ابدا ،لم يكن كذلك لان الوجه سيبقى مكشوفا حتى لو تم وضع غطاء على الراس ولكن القصد كان يحاكي التمييز ضد المسلمين والتنكيل بهم.
ثالثا:كانوا بداية يمنعون عنا ملح الطعام داخل الكمبات(كرفانات الاحتجاز)،ويعتبر وجود ملح الطعام ولو بقدر ملعقة شاي عند سجين، جريمة يعاقب عليها.والمعلوم ان الملح لايمكن ان يدخل الا عن طريقهم،لكنهم متشددين جدا حيال هذه المسالة،والذي اراه والله تعالى اعلم، ان ترسب الملح في الاجسام مع الحرارة المرتفعة يسبب زيادة الكلوردين في الدم،كما ان نقص الاملاح يسبب حالة من الضعف العام تجعل السجين ضعيف البنية لايملك القوة الكافية التي تعينه على الهروب ان رغب بذلك ولا يفكر في المشاجرة او الرغبة في الكلام لان جسمه منهك بالاضافة الى قلة ورداءة نوعية الغذاء المقدم الينا حيث كانت بداية عبارة عن وجبتين فقط.
• ذكر لي احد الاخوة المعتقلين وقوع 7قتلى في صفوفهم وجرح اخرين.
نعم ان هذا الامر صحيح وقد حدث في الكمب الثالث،كما قتلوا في الكمب الأول شخص وجرحوا تسعة اشخاص،وفي الكمب الرابع قتل شخصين وجرح اكثر من تسعة عشر اخرين،وهذه الانتفاضات المتكررة داخل السجن كانت نتيجة للمعاملة السيئة للمعتقلين واسلوب الاعتقال لابرياء يؤخذون من وسط عوائلهم الأمنة.
رابعا:من المحضورات ايضا استخدام القلم والاوراق الا انهم سمحوا باستخدامها لاحقا بعد الحاح شديد وتدخل من قبل المنظمات الانسانية.
خامسا: كذلك ادخال الاطعمة والملابس والادوية بمختلف انواعها اثناء زيارات ذوي المعتقلين،علما ان نوعية الطعام المقدمة في السجن انذاك كانت رديئة للغاية وتقتصر على وجبتين الاولى في الساعة 11صباحا والثانية في 5عصرا.
• اوقات النوم
بالنسبة لاوقات النوم كانت في الساعة ال8مساءا الى ال6 صباحا للمعتقلين في المحاجر وغرف التحقيق.اما بالنسبة الى المعتقلين في الكمبات الاخرى فهو غير محدد وغير اجباري.
سادسا:نوعية الادوية المعطاة للمرضى تقتصر على الاسبرين والبارسيتول فقط ،وماغير ذلك لايوجد سوى امر شرب الماء فاذا مااصبت بمرض اضجعك والزمك الفراش لاينصحوك الا بشرب الماء الى جانب الاسبرين والبارسيتول ولاغيرهما. ولم يكونوا يسمحوا او يستخدمون الابر للعلاج بتاتا .
سابعا: من الامور الممنوعة هو عدم ادخال الافرشة والكتب بانواعها خصوصا الكتب الاسلامية،وهذا الامر كله كان في بداية افتتاح السجون الامريكية في الشهر الخامس من عام 2003 ولغاية الشهر الرابع او الخامس من 2004 حيث كانت تتضمن قائمة الممنوعات بالاضافة لمنع ادخال الكتب عدم السماح بادخال الكراسات والجرائد والراديو والتلفاز الا ان الامر تغير في بدايات 2004 حيث سمحوا بادخال اجهزة الراديو الشخصية ومشاهدة التلفاز ضمن كرفان خارج الكمبات تحت اشراف وتصرف الجنود الامريكان.
ثامنا:كانوا يمنعون صلاة الجماعة في بداية الامر واعتقد لانهم كانوا لايعرفون مامعنى صلاة الجماعة،حيث كانوا يرتدون الملابس والدروع ويحملون الاسلحة في وضع الاستعداد عندما يشاهدون تجمع المعتقلين لاداء صلاة الفريضة الا انهم تراجعوا عن ذلك وسمحوا بادائها فيما بعد.
• هل شهدت العقوبات والمحضورات فيما بعد زيادة ام تخفيف؟بعبارة اخرى هل تم اضافة فقرات جديدة لقائمة المحضورات ام العكس؟
لقد مرت السجون الامريكية بمراحل مختلفة من التعامل مع السجناء اذ كانت بداية تتصف بالعنف والضرب والقسوة الى جانب الاهانة المتعمدة .لان من جاء على دبابات الامريكان من عملاء وجواسيس وخونة افهموا المحتل ان الشعب العراقي لايخضع الا بالقوة وان مسالة الكلام والمجاملة مع العراقيين لاتجدي نفعا.وان العربي كلما تحترمه كلما يزيد طغيانه وتجبره،وكلما تهينه وتحتقره وتذله ينصاع اليك ويمشي خلفك.لذلك لجأ الامريكان بداية الى تشكيل دوائر مختصة للتعذيب والاجرام ضد المعتقلين العراقيين في سجونهم.لكن بعد ان توسعت السجون وكثر مرتاديها صار هناك نوع من الخبرة لدى المحققين الامريكان ووجدوا ان هذا الامر لايجدي نفعا حيث يوجد الكثير من المثقفين واصحاب الشهادات ضمن اولئك المعتقلين ووجدوا عموما بان الشعب العراقي ذو ثقافة واخلاق لا يجب التعامل معه وفق اسس عدم الاحترام واهانة الكرامة لاسيما ان في بداية الامر كان اغلب المعتقلين من المثقفين واصحاب الشهادات العليا والناس المحترمين الشجعان وذوي الشهامة الرافضين للاحتلال.لذلك غيروا اسلوب معاملتهم معنا وخففت العقوبات نوعا ما.
كما لاحظت ان الجيش الامريكي يسير بخطين الاول يبدو فيه معالم الرحمة والانسانية والثاني طريق مملؤ بالحقد والكراهية والقتل والتعذيب.فكان احيانا يدور في خاطري ان الطائفة او هؤلاء الجماعة التي تحمل صفات الرحمة والانسانية هو من الصليبين النصارى باعتبار ان الله عز وجل قال }لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ }فكنت اقول بان الذين عندهم غلظة هم اليهود والذين عندهم الرحمة والرافة هم النصارى لان الله تعالى وصفهم }َرَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا… }
كما لاحظت من خلال طول فترة اعتقالي وتنقلي بين سجون الاحتلال ان القائد الامريكي المنتمي للحزب الديمقراطي يكون اكثر رافة ورحمة من مثيله الجمهوري.
• كيف كنتم تعرفون ذلك؟
احيانا كنا نسالهم مباشرة او عن طريق المترجمين واحيانا نسالهم عن دينهم فنعرف بذلك اليهودي والنصراني.
• مااسلوب التمييز المتبع بين المعتقلين العراقيين وفق اسس معينة؟
طبعا.وهذا كان نتيجة دخول المترجمين اللذين جاؤا مع المحتل او ممن كانوا يؤيدوه بدرجة كبيرة اشعروا المحتل بان هناك توجهات ومسميات معينة مثل التكفيرين والوهابية والمتشددين او صداميين وبعثيين وماشابه ذلك،لذلك اخذ الامريكيون يتسائلون باستغراب ونقول لهم ان هذه مسميات مثل مالديكم في اليهودية او النصرانية.
• هل كانت العقوبات التي يمارسها جنود الاحتلال ضد المعتقلين ضمن قاموس العقوبات القانوني ام مجرد اجتهاد شخصي ورغبة عدوانية؟
اعتقد ان القانون الامريكي لايسمح بمثل هذه المسائل وهذا ليس تزكية لهم ولكن باعتبارهم رعاة الحرية ويطبقون نفس القانون في بلدانهم لذلك اعتقد ان (اغلب العقوبات) كان ورائها نزوات شخصية للمسؤولين عن السجن،مثالا لذلك العقوبات الجماعية والتي تتضمن حبس المتهمين في قفص مكشوف من الحديد محاط بالاسلاك الشائكة لمدة ست ساعات كاقصى وقت ممكن الا ان الامر تحول فيما بعد الى الاحتجاز لفترات اطول تصل الى الثلاثة ايام بالرغم من البرد او المطر شتاءا وحرارة الشمس والغبار صيفا
• الا تعتقدون ان هذا التشدد حيال السجناء كان ردة فعل او انتقام نتيجة لازدياد وتيرة المقاومة التي اجتاحت العراق وادت لمقتل وجرح المئات من جنودهم؟
لااعتقد ذلك.واتصور ان الامر كان بسبب كثرة المعتقلين والسجناء وتصرفاتهم ضد جنود الاحتلال بسبب سوء المعاملة ،لذلك كانوا يلجاؤن لاصناف متعددة من العقوبات ومنها تعرية المعتقل شتاءا واجباره على الاغتسال مقيدا بالماء البارد في حمام مكشوف للجميع.
س: حدثنا عن الموقف حين تعرضت للضرب ؟*
الشيخ : كانت قد حدثت امور كثيرة عند دخول جنود الاحتلال الى المسجد عندما قاموا بتمزيق فراش الأرض وكسروا الزجاج ، والامر الاكثر ايلاما كان عندما رأيت العدو يركل كتاب الله برجله واسقطه ، عندها قمت بالتكبير .. الله اكبر .. وبصقت في وجهه وقد تم تصوير ذلك ، ثم قام احد الجنود بضرب احد المصلين على وجهه وسال منه الدم متوقعا انه مهدي الصميدعي ، وكان في باب المسجد احد المترجمين وهو ملثم واستخدم الضرب لي وللواقفين هناك ، وحتى حينما اخذونا الى المنطقة الخضراء قاموا بضربنا .. لانهم كانوا يبحثون عن مهدي الصميدعي وكنت قد دخلت باسم اخر ، وبعدها نقلوني الى المطار معتقدين انهم القوا القبض على الوكيل .. وكانوا يحققون معي على هذا الاساس ، وبعد سبعة ايام كان لديهم شريط مسجل فيه خطاب لي وقد تعرفوا على شكلي من خلال الشريط وعلى شخصيتي.
حينها قال احد القادة الامريكان في المنصور الى اقاربي: ان القوات الامريكية لم تخطيء في دخول العراق وانما اخطأت باطلاق سراح مهدي الصميدعي!!!
س : كان لكم كلمة وهناك كتاب مؤلف من قبل جنرال امريكي متقاعد حول احتلال العراق وتطرق الى ذلك ، له كلمات شهيرة بثها الاعلام ( لو تعلم امهات الجنود الامريكان عن مايلقاه ابناؤهم في العراق لحثين على انفسهم التراب)!
الشيخ : هذا كان في زيارة الى لبنان وخرجت على احدى الفضائيات ووجهت الدعوة الى النساء والامهات الامريكيات في امريكا لو يعلمن كذ ا………. وكان لذلك صدى في التحقيق أوذيت بسبب ذلك معنويا باطالة الحبس ..*
• ظهرت صور ومقاطع فيديو كثيرة تصور معاناة المعتقلين وتعرضهم للتعذيب وخصوصا التعري في سحون الاحتلال.ماقولكم في ذلك؟
نعم.قاموا بتعرية واغتصاب سجناء كثر حتى انا شخصيا تعرضت للتعرية بالكامل دون أي ساتر.
• يجبرون المتعري على المشي والاستعراض امام الاخرين،وهل تعرضتم لمثل ذلك؟
انا شخصيا لم اجبر على ذلك أي المشي امام المعتقلين لانهم كانوا يعرفونني ويعرفون مكانتي لدى المعتقلين وولائهم لي فكانوا يتخوفون من هذه المسالة.ولكن اعتقد حسب ماسمعت من السجناء انهم كانوا يدخلون المعتقل الى قاعة كبيرة مغلقة ويستخدمون معه هذه الاساليب.
• اسلوب التعرية.. ضمن قائمة العقوبات الرسمية ام تصرف شخصي آخر؟
لااعتقد.فهذا امر غير ممكن في أي قانون لاسيما انها مسائل غير اخلاقية، وخاصة انهم دعاة الحرية واحترام حقوق الانسان،كما جاء ضمن مقررات معاهدة جنيف لحفظ حقوق الاسرى والمعتقلين.ومنها حرية المعتقد واحترام الذات وعدم تعريض السجين الى الاعتداء الجسدي،ولذلك اعتقد انها اجتهاد شخصي. وعندما كان يقوم احد المعتقلين بذكر هذه الممارسات الى موفدي منظمات حقوق الانسان فانه كان يتعرض الى تعذيب اكثر قسوة بعد مغادرة تلك المنظمات المعتقل.
• أكنتم تقدمون الشكاوي الى منظمات حقوق الانسان؟
نعم.ولكن عموما لم يكن يسمحوا الا بدخول الصليب الاحمر فنذكر لهم ممارسات جنود الاحتلال لكن بدون فائدة.وغالبا ماكنا نتعرض للعقوبة نتيجة شكوانا لتلك المنظمات
• ماذا عن الممارسات الاخرى بحق المعتقلين؟
كان هناك العديد من الممارسات اللااخلاقية ضد السجناء كالاغتصاب او التحقير او الاهانة كأن يجلبوا احد المعتقلين مقيدا مجردا من ملابسه ويقوم احد الجنود بالتبول على راسه او ظهره،ومن الممارسات الحقيرة الاخرى طرح المعتقل ارضا ويلعبون بذكره وعصر الخصيتين بقوة حتى الصراخ من شدة الالم مما كان يسبب تورمات وامراض مستديمة لبعض المعتقلين.كذلك يلجؤون احيانا الى تسجيل اصوات نساء واطفال المعتقلين وبثها من غرفة مجاورة لايهام المعتقل بوجودهم ثم يهددونه باغتصاب زوجته اذا لم يعترف بالشيء الذي يرغبون بسماعه.
اضافة لنتف شعر الابط او العانة للمعتقل اواجبار المعتقل على شرب الخمر وهو مكبل بالسلاسل والاغلال.كذلك طريقة التقبيل الاجباري من قبل الجنود اذا يقبلون المعتقلين عن طريق الفم اجبارا.ومنها الجلوس على عضو المعتقل ومداعبته او اجباره على ممارسة الشذوذ.
• هل يوجد هناك سجينات عراقيات؟
نعم كانت هناك خيمة للمعتقلات في سجن المطار .وفي ابي غريب كان هناك ثلاث او اربع غرف مخصصة للنساء في قسم الاحكام الثقيلة محتجزات ضمن غرف تضم 2 او 1 واحيانا 7 نساء سوية.وقد حدثت حالات اعتداء عديدة على النساء اذ اغتصبوا البعض وجردوهن من ملابسهن وصوروهن عراة امام المعتقلين مما ادى الى حدوث مظاهرات وردود فعل كبيرة ضد جنود الاحتلال.
• هذه الممارسات تحت مرائ واشراف مدراء السجون؟
اكيد،لاسيما اذا مااخذنا بنظر الاعتبار درجة الانضباط والتنظيم العالية لافراد الجيش الامريكي وبالتالي فانهم لايستطيعون ان يفعلوا مثل هذه الامور مالم تكن خاضعة لموافقة من مصادر عليا.اذ لايستطيع جندي ان يكلمك او يعطيك قطعة من رغيف خبز او ماء للشرب الا بموافقة من هو اعلى منه رتبة
• ذكرتم ان هناك مظاهرات عديدة حدثت في السجن نتيجة لتصرفات بعض الجنود الامريكان. ماوقع وتاثير الهتافات والشعارات الاسلامية التي كان يرددها المتظاهرون ضد جنود الاحتلال؟
كان للهتافات الاسلامية والاهازيج الدينية والتكبير دور فعال بحيث عندما يسمع جنود الاحتلال المسلمين يكبرون ويرددون كلمة التوحيد لااله الاالله كانها صواعق تنزل عليهم.وفعلا هي صواعق مرسلة من السماء لعباد الرحمن الذي كانوا ينطقونها بصدق وايمان.فقد ذكر عن النبي (صلى الله عليه وسلم) لما كان ابوطلحة الانصاري يكبر في يوم أحد انه قال:لصوت ابي طلحة اشد من مئة فارس.
فالاهازيج التي كان يرددها السجناء احدثت حالة من الرعب والخذلان والتراجع في نفوس الجنود الامريكيين لدرجة كبيرة.وكان لهذه الاناشيد والاهازيج دور كبير في شحذ الهمم وتقوية العزائم وتوحيد الصفوف بالنسبة للسجناء وفي نفس الوقت كان جنود الاحتلال يركضون ويختبؤون في الخنادق مرتدين الخوذ والدروع في حالة تاهب واستعداد وكانهم في حالة طواريء.
• بالنسبة للتجاوزات ضد المقدسات الاسلامية هل لك ان تخبرنا عن هذا الامر
في بداية الامر كانوا حسب ظني انهم لايعرفون قيمة القرآن بالنسبة للمسلمين.لذلك فانهم اثناء نوبات التفتيش يرمون المصحف ارضا حاله حال أي كتاب اخر
• الا تعتقد انها كانت تصرفات مقصودة وموجهة؟
هذا وارد وممكن.ولكن نحن لنا الظاهر.فنحن المسلمين في كل ارجاء العالم نعتز بالنعمة ونحترمها سواء كانت طعام ماكول او مشروب في حين انهم لايحترمون ذلك فهم يركلون الطعام او الشراب ويطؤونها بالاقدام.اما بالنسبة للقران الكريم فكانوا احيانا يضربونه باقدامهم..
• سمعنا انهم كانوا يرمونه بالمراحيض احيانا
نعم.فحينما يجدونه في مكان ما ياخذون المصحف يمزقونه ثم يرمونه في المراحيض،نتيجة لذلك حدثت ردود فعل قوية من قبل المسلمين في السجن،ومنها ان بعض المعتقلين قاموا برمي انفسهم على الاسلاك الشائكة ومواجهة النار من قبل جنود الاحتلال،مما حدى بقوات الاحتلال تغيير اسلوبهم في التعامل مع القرآن الكريم وصاروا يتعاملون مع الامر بحساسية كاملة بحيث لايدخلوا الى مكان فيه القران الا ان يخرجه احد السجناء المسلمين من هناك.حتى اننا في بداية الامر لم نكن نسمح للمترجمين العرب المرافقين لقوات الاحتلال ان يحملوا القران بايديهم الا ان يدخل مسلم لحمله.
• تعريجا على موضوع المترجمين العرب من غير العراقيين ماهي الجنسية الغالبة والانتماء الديني لاغلبهم؟
كانوا اكثر شيء من المصريين ثم اللبنانين ومن بعدهم الكويتيين وعدد قليل جدا من اليمنيين والسودانيين.اما بالنسبة الى الانتماء الديني فالمصريون مابين نصارى ومسلمين،اما اللبنانيون فكانوا نصارى او شيعة وبقية الدول السودان او اليمن مسلمين سنة.
• قال تعالى في سورة يوسف{قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ..{فهل يعتبر فضيلتكم ان فترة السجن قوت عزيمة المؤمنين وارجعت الناس الى الدين ام اكان لها تاثير آخر
حقيقة رايت من خلال استقرائي لمراحل التفسير والسيرة ان السجن هو دار فتنة.فقد يجعل الله سبحانه وتعالى السجون رحمة وقد يجعلها عقوبة او انتقاما.
فاما كون السجن رحمة قد يكون ان الانسان لم تتيسر له اسباب الهداية خارج السجن فكثير منهم دخل السجن تاركا للصلاة وآخرون لايعرفون القراءة او الكتابة ولايعرفون قرآنا ولاحديثا او سنة فكانت السجون لهم مدارس ورحمة فتحت لهم ابواب الخير من كل جوانبه فدرسوا العلم وتعلموا العقيدة والحديث وقرئوا القران وتغنوا فيه.
مداخلة:هل كان لدى فضيلتكم حلقة ذكر؟
كان عندي حلقات علمية في السجن ادرس بها القران والحديث والعقيدة وباعتباري مجاز في القراءات العشرة كنت ادرس القراءات والعقيدة ومصطلح الحديث بالاضافة لاعراب القران الكريم كوني مجازا بذلك ولي العديد من طلبة العلم تخرجوا من يدي أجزتهم اعراب القران.
اما بالنسبة لكون السجن عقابا من الله فرب رجل عاق لوالديه او لامه دعت عليه في ساعة اجابة فاستجاب الرحمن لدعوتها،وهناك قصة لطيفة نربطها بهذا الموضوع ان عبد الله بن سلام كان يعاني من سكرات الموت وكان الناس من حوله يحاولون ان يستنطقوه الشهادة فلا يستطيع لفظها،فشكوا ذلك الى النبي(صلى الله عليه واله وسلم) قال هلم بنا اليه.فلما جاء النبي ووقف عنده قال:ياعبد الله قل لااله الا الله وكان لسانه قد شُــكـِل حينها ارسل النبي (ص)الى زوجته سائلا فقالت يارسول الله ان امه عليه غاضبة فارسل النبي(ص)الى امه متوسلا اياها ان تحلله حتى يستطيع ان يتلفظ بالشهادتين فرفضت فامر النبي الصحابة ان يجلبوا حطبا ويشعلوا النار ثم امر سلمان الفارسي وعمر بن الخطاب ان يحملاه من قدميه ورجليه فيقذفاه بالنار تخويفا وليس فعلا لان النار لايعذب بها الا من خلقها.فلما رات الام ان ابنها يساق الى النار صرخت يارسول الله،فاعادوه وحللته ونطق بالشهادتين.لذلك علمنا ان العقوق قد يكون سببا لعدم نطق الشهادتين,وعلمنا ايضا ان الذنوب قد تكون سببا فعن النبي(ص): لايدخل الجنة احدا بعمله.فقالوا:حتى انت يارسول الله؟قال:حتى انا الا ان يتغمدني الله برحمته.
فالاعمال الصالحة تكون مجلبة لرحمة الله سبحانه وتعالى.
قد يكون المعتقل مؤذيا لجاره فدعى الله عليه.او مفسدا في الارض فاراد الله تعالى ان ينقذ الناس من فساده او اذيته فاخذه في السجن عقوبة له.لذلك فمنهم من دخل عقوبة ثم انصلح حاله وتندم على كل صغيرة وكبيرة.ومنهم من زاد طغيانه وتجبره داخل السجن.ومنهم من اخذه الله تعالى انتقاما لانه كان محاربا لدين الله وعباده مؤذيا لهم.
ولذلك تجد ان كثيرا من الناس الذين كانوا يعملون مع المحتل ويعطوه المعلومات ويتجسسون لصالحه ادخلوا السجن حتى وان كان لاغراض التجسس الا انها كانت انتقاما وعقوبة من الله تعالى.ومنهم من لم يكن من المستطاع ان تصل له ايدي المجاهدين خارج السجن الا انهم تمكنوا منه داخله.
• تردد كثيرا ان العديد من المعتقلين الذين دخلوا السجن بتهم باطلة وملفقة انضمامهم لصفوف المقاومة بعد الافراج عنهم من سجون المحتل واعوانه لهول ماراوه من تعذيب وسوء معاملة داخل المعتقل،وقد ساهم هذا الأمر في تقوية شوكة المقاومة وازدياد حدتها.هل هذا الكلام صحيح؟
انا رأيت الكثير من الناس يعضون على اصابعهم ندما انهم دخلوا السجن ولم يقوموا بضرب الامريكان ومقاتلة المحتل،لذلك كانوا يبكون ليل نهار مع قراءة القران في المسجد ندما لعدم اشتراكهم في المقاومة.وهذه اشارة ربانية بنصر الدين.وهي بمفهوم الشرع ان الله تعالى يحيط النصر بكل جوانبه فحينما تكون الهمم خارج السجن متخاذلة فانها تنشط لنصر الدين داخله.
وحينما يكون الناس لايعرفون عقيدة الولاء والبراء وان هذا احتل بلادهم ثم دخل السجن وعلم من بعد غفلة فهذا نصر من الله عز وجل.فالنصر كبير ولذلك ترى ان السجون عام2004 كانت مدارس علم تخرج منها طلاب حق حتى اصبح العراق كله يجاهد.
• طبيعة عزل السجناء ضمن الكمبات .هل كانت وفق اسس طائفية ام سياسية؟
في بداية الامر لم يكن العزل طائفيا ولاسياسيا،اذ كانوا يضعون السجناء ضمن خليط في مكان واحد وكان الناس متآلفون متحابون،واستفاد كثير من الشيعة ممن كانوا يصلون معنا ومنهم من تحول الى مذهب اهل السنة والجماعة والتزموابه لكن قوات الاحتلال استشعروا بخطورة هذا الخليط وتوحيد الصفوف وتالف القلوب وتكاتف الايدي،ولذلك في باديء الامر لم يكن في الجنوب قتال الا ان خروج بعض المعتقلين من سجون الاحتلال ساهم في اشعال فتيل المقاومة في الجنوب العراقي…..بعد ذلك ونتيجة ماتقدم اتجهت قوات الاحتلال الى اسلوب العزل الطائفي في سجونها.
• اكثر وسائل التعذيب استخداما داخل سجون الاحتلال
كان هناك العديد من الاساليب النفسية لخذل المعنويات ومنها انهم يسمعوك اصوات اولادك او زوجتك وصراخ عائلتك او صوت بنتك،لانهم حينما يداهمون البيوت فانهم يسجلون الاصوات لاستخدامها لاحقا بهذه الطرق الخبيثة وكانهم موجودون في غرفة مجاورة وهذا كان يعتبر من اقسى انواع التعذيب النفسي.
اما التعذيب الجسدي فكانوا غالبا مايستخدمون الكلاب للترويع او يطلقونها على المعتقل وهو مقيد معرى تماما فتنهش لحمه وقد حدثت هذه الامور كثيرا اذ كانت الكلاب تنهش لحوم المعتقل المقيد مسببة جروح خطيرة.
• اسلوب التعامل لكبار السن والمرضى؟
ان الله تعالى يقول :اذ قلتم فاعدلوا فهو اقرب للتقوى.
في المحاجر(الحجز الانفرادي) هم لايفرقون بين كبير او صغير.اما داخل الكمبات فهناك رعاية خاصة لكبار السن والمرضى
• سمعنا ان عددا لاباس به من المعاقين والقصر كان يقبع في سجون الاحتلال؟
كثير جدا..كانوا مقعدين ومنهم من يكون ضريرا او فاقدا لساقيه ومنهم مبتور اليد او اليدين وكانوا يجلبوهم الى السجن وهم على الكراسي المتحركة.
• ماموقف الجنود العراقيين المرافقين لقوات الاحتلال تجاه السجناء؟
في البداية لم يكن هناك الا جنود امريكان.بعد ال2005دخل الجيش العراقي الى جانب قوات الاحتلال وكان جيشا متشددا ويحمل كره وضغينة على السجناء ،
• ماهو المشهد الاكثر إيلاما وتاثيرا في انفسكم خلال تجربة السجن
حدث هذا الامر حين كنت في المحجر(غرفة حجز انفرادي بمساحة1.5×2متر)وكان المحجر المقابل لامراة في السبعين70 من عمرها عارية الراس تضرب وهي تصرخ وتتالم كثيرا مستغيثة بالله تعالى وتناشد باسماء ابنائها وبناتها فاقضت مضجعي وبكيت كثيرا من اجلها وانشغلت بالدعاء لها ليلا نهاراحتى نسيت عائلتي ونفسي الى ان يسر الله امرها
بالتفصيل ..
*كنت في المحجر.وفي احدى المرات رأيت امرأة عمرها يقارب الـ (70) تضرب وهي في المحجر ، ولوجود فتحات صغيرة في كل محجر فكنت انظر اليها وهي تلبس بدلة حمراء بدون غطاء لرأسها وهي تصرخ .. يارب ياحي ياقيوم برحمتك أستغيث .. اللهم هون عليّ وخفف عني ما انا فيه .. ياالله انت ربي ورب الناس ورب العالمين انظر لحالي وانا بهذا المكان .. كانت تتألم كثيراً وتبكي ، وسمعتها ذات مرة وهي تتكلم بشيء من الجزع ، فاردت ان اكلمها مع علمي باني سأعاقب على ذلك (اذا سمعني الحرس ) فقلت لها : يا اماه اصبري فان الله سبحانه وتعالى سيلقي على قلبك الصبر وقولي الحمد لله الذي ابتلاك وفتنك في الدنيا ولم يفتنك في الآخرة ، فكثير من النساء والرجال تسيطر عليهم الدنيا ، وذهبوا مع المحتل المجرم .. وانني في هذا المكان وهو ليس بعار .. وانما مكان عز وشرف ، وهذاالسجن بالذات لايكون الا للشرفاء والصالحين وان الله سبحانه وتعالى جعل ثمن هذا الصبر وهذا الدين الجنة ، التي عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين ، وقالت لي ذكرني ايها الشيخ فحكيت لها قصة عظيمة مؤثرة ” قصة ماشطة ابنة فرعون ” حيث كانت إمرأة تمشط شعر ابنة فرعون ، وبينما هي كذلك سقط المشط من يدها ، فأخذت المشط بيدها وقالت ( بسم الله ) فبادرتها الفتاة : هل تقصدين ابي فرعون .. قالت لها الجارية ربي وربك ورب ابيك هو الله ..فذهبت البنت الى ابيها وأخبرته بذلك ، (( وهؤلاء المجرمون اليوم هم أحفاد ذلك الفرعون ) . فقد ادعى الألوهية وهؤلاء يدعون الربوبية .. عندما أبلغت والدها (الفرعون ) أرسل في طلب الجارية وكانت لديها ثلاثة ابناء اثنان صغيران يمشيان والثالث في حجرها .. وقال لها ياجارية : من ربك قالت : ربي وربك هو الله .. فاشتد غضبه .. وأمر جنوده أن يأتوا بآنية من النحاس ( قدور ) وان يوقدوا النار تحتها .. فلما أصبح شديد الاحمرار من الحرارة االعالية ، أمر احد زبانيته ان يرمي أحد أولادها فيه وبين صراخ وعويل وبكاء اذا بهذا الصغير يتفسخ عظاماً .. وكانت العجوز السجينة تسمع وتبكي ، فرجوتها ان تسمعني لأن ( نبينا الصادق الصدوق – صلى الله عليه وسلم – الذي لاينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى اخبرنا ان الحنان في قلب الأم ولو فقد من الدنيا وبقيت أم واحدة لكفى ) هذه الأم كانت تنظر الى إبنها وهو يعذب في ذلك القدر ، ثم قال لها الفرعون من ربك : قالت ربي وربك هو الله ، فأمر زبانيته ان يلقوا ولدها الثاني في القدر .. وهكذا اصبح أمام عينيها كالأول .. ثم خاطبها ثالثة ..من ربك ياجارية ؟
هنا توقفت حدث شيء في نفسها فسكتت قليلاً .. خوفا على صغيرها الثالث ، فانطق الله سبحانه وتعالى صغيرها وقال لها يا أماه إرمي بنفسك فوالله انك على حق ، فرمت بنفسها مع صغيرها في القدر ، فتفسخت .. وكان الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم ) يقول : يوم اسري به وشم ريحا طيبة في الجنة قال ياجبريل ما هذه الريح الطيبة .. قال هذه ريح ما شطة بنت فرعون ..فجعل الله كرامة لهذه المرأة ان يجعل ريحها يشمه أهل الجنة .
أثلجت صدرها هذه القصة فتبسمت ودعت لي الله تعالى ان يخفف عني وعنها ، وبعدها سمع الحرس فعوقبت (3) ساعات بسبب هذا الكلام..
بقيت هذه القصة في ضميري تختلج على الدوام وفي الزنزانة كنا عندما نحتاج الى الذهاب للعلاج نطلب قلما وورقة لنكتب طلبنا على ورقة فكتبت بالقلم على جدار الزنزانة : اماه لا تبكي يا حبيبتي .. فسجننا يملأ بالخيرات والجنة من حولنا فيها خدم يعملون تحت الإشارات ابدأ بحمد الله غافر الذنب والزلات ثم الصلاة على النبي المصطفى صاحب المعجزات اخي هاك نصحي والنصح عند أهل العلم من الواجبات تعلم عقيدة السلف وإياك وأهل البدع والمحدثات وكن للحق ملازما ولا تأخذك في الله لومات ودع عنك تكفير الناس جانباً وكن لينا بالقول والفعل والإشارات أخي هاك نصحي والنصح عند اهل العلم من الواجبات اماه لا تبكي ياحبيبتي فسجننا يملأ بالخيرات فاذا كنا نسجن في اقفاص من خشب ومن حولنا المسيمات ولنا دواعي يسألن عنا بالغدو والروحات فمن للقرآن يسأل .. وقرآننا يسجن منذ مئات السنوات فمن للقرآن يسأل .. وقرآننا يسجن في الظلمات بين اللحم والدم او في سطور الورقات انه الاسلام .. فانهضي الى عز الكرامات انه الاسلام .. انهضي الى مجد انا خسرناه بالقيل والقيلات هذه جنة الله فتحت ابوابها ووقفت عليها من الحور الجميلات ينادين باعلى اصواتهن : هل من خاطب للرحمن يتقدم ببدل النفيسات فيبين الله مهورهن بقوله ( ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بان لهم الجنة*..
*قبل ان نغادر موضوع هذه المرأة هل رأيت كيف يضربونها ؟ او هل نقل لك احد كيف تضرب هذه المرأة ؟
الشيخ : رأيتهم يخرجونها من الزنزانة
وكانت تأبى وتصر ان لاتسير معهم لانها لاتريد ان تخرج مع جندي امركي وانما تريد مع إمرأة .. فأجبروها على الخروج واطلقوا نحوها كلبا بوليسيا ً وكانت تصرخ عندما يدنو الكلب منها ويحاول ان ينهش جسدها ، وهي تصرخ من جراء ذلك ، والرعب والخوف ، واجبروها ان تسير مع الحرس الى التحقيق ، هذا ماشاهدته بأم عيني .. باعتباري كنت في الزنزانة 19 وهي في الزنزانة 20..
*هل سألت عنها بعد ذلك ؟
بعد ثلاثة ايام – لانهم يتعاملون معنا بالارقام – كما يتعاملون مع حيواناتهم – كان لكل واحد منا رقمه ، وكان رقمي 369…
سمعت الحرس يناديها ويقول لها انك ستخرجين وسمعتها تدعو الله وتقول (( اللهم ان كان هذا الامر إخراجي الى بيتي أسألك ان تيسره وان كان نقلي الى مكان آخر فيا ربي ارجوك ان تعيدني الى هذا المكان )) واعتقد سبب رغبتها البقاء لانها ارتاحت للآحاديث التي واصلتها معها وصارت انيس الصبر لها .
وفعلا اخذوها واعادوها بعد اربع ساعات ..
فسألتها في نفس اليوم ماذا حل بك يا أماه ؟ فقالت : الحمد لله كان مقرراً ان انقل الى سجن آخر ولكن لله الحمد بقيت هنا.*
* ماهي جريمة امرأة في السبعين ؟
سالتها فقالت يتهمونني باني اقوم بايواء ” الارهابيين ” .. هذه تهمتها .
حيث اوضحت بانها كانت في بيتها وسمعت احدا يطرق الباب واذا بقوات الاحتلال الامريكي ومعهم مترجم يريدون تفتيش البيت وسمحت لهم وفتشوا ولم يجدوا شيئا وطلب مني الامريكي ماء ليشرب .. فقلت له بلغة اهل العراق (( اعطيك سـُماً )) . فغضب وسكت .
بعدها بخمسة ايام داهموا المنزل وكسروا اثاثه وسرقوا ممتلكاتي واموالاً كثيرة واعتقلوني.*
• هل كان اطلاق سراحكم مشروط؟
الاول لم يكن مشرطا لاني دخلت وخرجت باسم اخر.
اما الثاني فكان شرطه ان لااقوم بالتحريض او ضرب القوات الامريكية،وان لا اقاتل الحكومة العراقية (و قد جلبوا كاميرة فيديو للحرة او العراقية قالوا لي ماذا سوف تتكلم قلت والله سوف أتكلم للعراقيين و أقول أن أي عراقي لا يقاوم الأمريكان يموت آثماً و قد ضربني على كتفي و دفعني و سقطت من الكرسي ثم كبر المعتقلون حتى رأوا ذلك)*.
.لذلك انا قلت وبالحرف الواحد في بيت رئيس البرلمان السابق محمود المشهداني داخل المنطقة الخضراء وبحضور السفير الامريكي وقائد القوات الامريكية:بالنسبة لي فاني لن اتنازل عن عقيدتي وسابقى اقاتل القوات الامريكية طالما انكم محتلون لارضي وبلدي،واي امريكي اراه حتى ان كان بباب المنطقة الخضراء ساقاتله حال خروجي من هنا،اما بالنسبة للتعرض للحكومة العراقية فليس لي أي علاقة بذلك.
• يتهمكم البعض بانك تكفيري.ناتي بداية الى طرف اهل السنة ممن يتهموك بذلك
اخي الكريم.انا لست تكفيريا بالمفهوم العام،فانا مسلم سني على عقيدة اهل السنة والجماعة.وعلى عقيدة اصحاب النبي(صلى الله عليه وآله وسلم).فنحن لانكفر الا من كفره الله ورسوله.وعندنا قواعد اصولية ندين لله عز وجل بها.
القاعدة الاولى:التكفير حكم شرعي مرده الى الله ورسوله
القاعدة الثانية:من كفر مسلما فقد كفر
القاعدة الثالثة:لانكفر مسلما بذنب مالم يستحله
• موقفكم تجاه اخواننا الشيعة في العراق
موقفي معروف ومتضمن بفتوى صادرة من قبل الأمانة العامة حرمت من خلالها اعمال القتل الطائفي وقتل الشيعة او السنة بالاضافة لتحريم قتل الشرطة والناس الابرياء او المدنيين.وقد اتصلنا بالكثير من المراجع الشيعية في العراق طالبين منهم توحيد الصف وانهاء الفوضى والدعوة الى وحدة العراق والمسلمين ووحدة اهل السنة في العراق.
لذلك فان هذا التكفير ليس من عقيدة اهل السنة والجماعة انما من منهجيات المتحزبين،فعلوم التوحيد عند اهل السنة هو توحيد الوهية و ربوبية واسماء وصفات وماكان التكفير في عقيدة اهل السنة وانما هو من منهجية الاحزاب ممن تقول بالحاكمية ونحن لانقول بهذا الاصل
اما التكفير عندنا يشترط بان يكون كفرا صريحا بواحا فيه من الله برهان،أي ان الناقض الذي يرتكبه ذلك المسلم وينقله من ملة الاسلام الى ملة الكفر لابد ان يكون صريح ليس له تاويل ولابد ان يصرح به(أي بكفره). كشتم النبي(ص) فهو مخرج من ملة الاسلام لانه كفر،ومن سب ازواج النبي قاصدا الطعن في الدين فهو كفر وان كان قاصدا الطعن فيهن فهو- طبعا-ظلم وفسوق. ومن سب الصحابة اجمالا أي بالاجماع فهذا كفر كما يقول الامام ابن كثير وشيخ الاسلام ابن تيمية،اما تخصيص شخص معين لسبه فحكمه الكفر اذا كان يسبه لدينه،وان كان لشخصه فهو ظلم وفسوق
• من يسمى بالتكفيريين يكفرون الشيخ مهدي الصميدعي
اذا ماكفر علي بن ابي طالب والالسن التي تجرات على علي بن ابي طالب وابي هريرة وموسى الاشعري وسعد بن ابي وقاص بل وتجرات على عثمان وعلى النبي بل ان هناك السن الان تشتم رب السموات والارض.
فقد ورد في الاثر بسند حسن ان موسى عليه السلام سال الله عز وجل:اسالك شيئا يحصنني من الناس،فقال الله عز وجل:انه شيئا لم اعطه لنفسي فكيف اعطيك اياه.
فرب السموات والارض نسبوا له الذرية وجعلوا له شريك وجعلوا له الولد والملائكة….والرسول(ص)طعنوا في عرضه وزوجته ام المؤمنين،واتهمه المشركون بامور كثيرة كالكذب والسحر….وابو بكر رضي الله عنه مصدق السماء تكلم الناس في حقه ولحد الان توجد شعارات ترفع (رحم الله من لعن الشيخين).
ونحن عندنا قاعدة يقول شيخ الاسلام رحمه الله تعالى:ان اهل البدع يبغضون اهل السنة فشعارهم ومناهجهم الحياتية طعن وسب اهل السنة والتكلم فيهم،وماغريب في ان من يكذب على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم )وينسب له الاقوال والاحاديث ان يتكلم في مهدي الصميدعي،ولاغرابة في من يكفر سعد بن ابي وقاص خال النبي وامير المؤمنين علي بن ابي طالب وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما ان يكفرني .
• بعض الفقهاء يسمون هؤلاء بخوارج العصر
يمكن ذلك.فهم موجودون والان بكثرة على ظهر الارض مما لايمكن نكرانه.والخوارج من كفر الشيخ بن باز والشيخ صالح بن عثيمين دواهي العصر وأئمة الأمة كما كفروا العلامة الاباني والكثير من المشايخ ،الا يكفرون مهدي الصميدعي!
واني اعتبر تكفيرهم لي عزا وشرفا فعندما ياتيك الكلام من صاحب بدعة اعلم انك على الحق والسنة .
• موقفكم من العملية السياسية الحالية في العراق؟
لقد كفرنا بالاحتلال ومادام هناك احتلال فموقفنا دائم وثابت نتعامل معه كمحتل حتى تتغير الصورة ويخرج المحتل بما جاء به من قوانين ودساتير وماترتب عليهما.
• هل تقبلون التفاوض مع المحتل؟
انكان التفاوض لخدمة العراق والمسلمين فهو من الابجديات في دين الاسلام،فالرسول(صلى الله عليه وآله وسلم )عقد 18 معاهدة واتفاقية،فان كان هناك خروجا للمحتل من العراق نحن على استعداد لحقن دماء العراقيين والمسلمين واعادة العراق لاهله حتى لانحمل الناس مالاطاقة لهم به.فواجبنا الشرعي والانساني والاجتماعي يستلزم ان نكون غاية في الادب والفكر والتصرف السليم،اما في امور الدين فلاتنازل.وقد عقد النبي (ص)هدنة مع المشركين لمدة 10 سنوات في الحديبية قائلا لعمر: ان ربي لن يضيعني .وكان لهذه الهدنة او المصالحة النفع الكبير على المسلمين.
• رؤيتكم لمستقبل المقاومة في العراق
{ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} .
فقد وعد الله المسلمين الصالحين بالنصر والتمكين والاستخلاف،لذا فالنصر آت لا محال لكن يجب على المقاومين المجاهدين توحيد الصفوف وجمع الكلمة ويتدينوا الى الله عز وجل بما شرع،اما التدين بالمسميات والحزبية على حساب الدين والشرع والتعصب لذلك المسمى فهذه حزبية مقيتة يمقتها الاسلام والمسلمون الصادقون الصالحون،لذلك لايجب التعصب الا لدين الله عز وجل والرجوع الى الشريعة الاسلامية والانتساب لله ولدينه وشرعه لاالانتساب للمسميات لانها هي من اسقطت المقاومة وعددت الجبهات وزرعت العداوة والبغضاء بين صفوف المسلمين
فالنصر ات لامحالة وان خرج الاحتلال فبفضل الله تعالى ثم ضربات المجاهدين المقاومين المسلمين الصالحين والوطنيين،ولو بقي مسلما واحدا ناصرا ومؤيدا لربه كان حقا على الله نصره وتاييده.
وانا اوجه نصيحة خالصة من قلبي وديني ومن شريعتي اقول:على جميع الفصائل الاسلامية وعلى كل الشرفاء الاحرار ان يجتمعوا على شرع الله ودينه لان النصر ات من الله وليس من المسميات ومالنصر الا من عند الله العزيز الحكيم،اما الذي يتعصب لمسماه وتحزبه فهو شاق لعصى المسلمين مفرق للجماعة حتى لو قاتل ليلا نهارا وليس له من عمله الا التعب لان الله تعالى دعى الى الوحدة والعمل الصالح والجماعة فالقوة فيها والخذلان في الفرقة.
• ايمكن اعتبار ازمة القيادة ..ازمة اساسية للمقاومة؟
نعم ازمة قيادة وازمة مسميات وامور كثير ة اخرى،لكن بعض القائمين بالقيادات العسكرية لايتراجعون الى شرع وانهما يتراجعون الى مسمياتهم وينتصرون لها وليس للاسلام.
نسال الله العفو والعافية والعودة الى الدين الصحيح من غير مكابرة ولاارتياب فالعاقل من تمسك بدين ربه وعرف الحق والمجنون من اخذ يركض وراء السراب وصلى الله على محمد واله وصحبه وسلم .
ملاحظة: علامة* اقتباس من لقاء سابق لجريدة الاتجاه الاخر مع الشيخ الدكتور مهدي الصميدعي
المفتي العام .
حرر في 5-04-2009
مروان الدوسري