فتوى رقم ( 978 )
السائل مثنى عدنان يسأل _ مثنى عدنان ….. سلام عليكم شيخنه الكريم ربي يحفضكم عندي سوال اريد اطب مشروع صغير وماعندي فلوس سد هاذ المشروع اريد اخذ ذهب بل قصاط وبيعه نقدي وصرف بفلوسه هل حلال ام حرام ارجوك رد شيخنه الكريم ضروري جواب شيخنه الفاضل .
أجاب على السؤآل سماحة مفتي جمهورية العراق الشيخ الدكتور مهدي بن احمد الصميدعي ( سدده الله تعالى ) الحمد لله رب العالمين وبه نستعين والصلاة والسلام على امام المتقين وقائد الغر المحجلين نبينا محمد الأمين واله وصحبه أجمعين وبعد : السائل الكريم حفظك الله _ نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة نسيئة أو متفاضلا في عدة أحاديث, منها حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالي عنه وغيره أن رسول الله صلي الله تعالي عليه وآله وسلم قال: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل, ولا الفضة بالفضة إلا مثلا بمثل,
ولا تفضلوا بعضها علي بعض, ولا تبيعوا منها غائبا بناجز رواه البخاري, وذلك لعلة النقدية وكونهما أثمانا( وسيطا للتبادل).
أما الذهب والفضة( المصوغان) فإنهما خرجا بذلك عن كونهما أثمانا( وسيطا للتبادل), وانتفت عنهما علة النقدية التي توجب فيهما شرط التماثل وشرط الحلول والتقابض ويترتب عليها تحريم التفاضل وتحريم البيع الآجل, فصارا كأي سلعة من السلع التي يجري فيها اعتبار قيمة الصنعة- وهي هنا الصياغة, إذ من المعلوم أن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما, وهذا مذهب الحافظ ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهما, وهو منقول عن معاوية رضي الله عنه وأهل الشام, ونقل أيضا عن الإمام مالك, وذكره ابن قدامة عن الحنابلة حيث جوزوا إعطاء الأجر علي الصياغة, وعمل الناس عليه- كما في الإنصاف للمرداوي, وهذا كله بشرط أن لا تكون الصياغة محرمة كالمشغولات الذهبية التي من شأنها أن لا يلبسها إلا الذكور من غير أن تكون لهم رخصة فيها. وبناء علي ما سبق فإنه لا مانع شرعا من بيع الذهب بالتقسيط.
أما إذا استدان إنسان دينا في مقابلة رهن مسلم إلي الدائن، فقد فرق الفقهاء في هذا الصدد بين حالتين:
الأولي: حالة ما إذا أذن المدين للدائن في الانتفاع بالعين المرهونة.
الثانية: حالة إذا لم يأذن له في ذلك. فإذا أذن المدين للدائن أن ينتفع بالعين المرهونة إلي وقت سداد الدين, فإن المالكية والشافعية والحنابلة يرون جواز انتفاعه بها إذا كانت العين مرهونة في دين متحصل من بيع أو إجارة, كثمن المبيع أو أجرة الدار, أو نحو ذلك, بشرط أن يكون شرط الانتفاع بالرهن منصوصا عليه في صلب العقد, وأن تكون هذه المنفعة معلومة بالمدة. أما إذا كانت العين المرهونة في دين متحصل من قرض فلا يجوز للدائن الانتفاع بالرهن وإن أذن له المدين; لما روي عن علي أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: كل قرض جر نفعا فهو ربا وما روي عن أنس أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: إذا أقرض فلا يأخذ هدية إذ أفادت هذه الأحاديث أن المنفعة المترتبة عن القرض منهي عنها, وانتفاع الدائن بالعين المرهونة إذا رهنت بدين قرض هو زيادة لا يقابلها عوض, فيكون ربا. ومفهوم المخالفة لهذه الأحاديث جواز انتفاع الدائن بالرهن إذا كانت العين مرهونة في دين متحصل عن غير القرض.
وقد أجاز الحنفية للدائن الانتفاع بالعين المرهونة مطلقا, من منطلق أن المدين الذي هو مالك العين المرهونة تنازل عن منفعتها للدائن, فهو تصرف منه في ملكه, وهذا التنازل كما يجوز بعوض يجوز أيضا بغير عوض.
وقد منع بعض الفقهاء هذا الانتفاع مطلقا حتي مع إذن المدين في الانتفاع, مستدلين علي هذا بما روي عن أبي هريرة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه, له غنمه وعليه غرمه. حيث أفاد هذا الحديث أن منافع الرهن من حق المدين ومن ثم فلا يباح للدائن شيء من هذه المنافع, ولا عبرة بالإذن الصادر من المدين في الانتفاع, لأنه لم يصدر منه عن رضا تام, لوقوعه تحت إكراه الحاجة وضيق ذات اليد التي أجبرته علي الاستدانة من الغير, فنفسه لم تطب بالانتفاع وإن صدر منه هذا الإذن به, وقد روي عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه.
والذي أراه راجحا من هذه المذاهب هو مذهب المانعين من انتفاع الدائن بالعين المرهونة وإن أذن له المدين فيه, لما استدلوا به, ولعدم تمكين الدائن من استغلال حاجة المدين إلي المال ليأخذ منه أكثر مما أعطاه, وحفاظا علي مال المدين الذي حرم الله أخذه إلا عن طيب نفس من مالكه, والواقع تحت تأثير الحاجة لا تطيب نفسه بما يأذن فيه من انتفاع, فإذنه غير معتبر ولا ينبغي التعويل عليه شرعا.
وأما إذا لم يأذن المدين للدائن في الانتفاع بالعين المرهونة, فقد ذهب جمهور الفقهاء إلي عدم جواز انتفاعه بالعين المرهونة مطلقا, لحديث لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه, له غنمه وعليه غرمه.
المكتب العلمي للدراسات والبحوث / قسم الفتوى
الإثنين 7 محرم 1440 هجرية 17 أيول 2018