فتوى رقم ( 654 )
السائل سلمان عيفان من محافظة نينوى يسأل _ السلام عليكم فضيلة المفتي شخص قال لي اذا اردت الدعاء والاجابة للدعاء فعليك ان تسجد للنبي 7 مرات .. والحقيقة آني في شك من الموضوع فقلت اسأل هذا العالم لثقتي بعلمك وانا اراك على الفضائيات تقول الحق ولا تجمل فساعدني بارك الله بيك .
من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة أنه لا يجوز صرف شيء من العبادة لغير الله لا لملك مقرّب ولا لنبي مرسل ، ومن صرف شيئاً من العبادة لغير الله فهو مشرك كافر ، والدليل على ذلك قول الله عز وجل : ( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً ) الجن / 18.
قال ابن كثير : يقول تعالى آمرا عباده أن يوحدوه في محال عبادته ولا يدعى معه أحد ولا يشرك به ..أهـ
وهذا الفعل من الكذب والافتراء على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وهوالذي حذّر عن الاطراء _ لا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ) رواه البخاري ( أحاديث الأنبياء / 3189 ) ، ولا شك أن هذا الفعل من العبادة ، وقد حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم من اتباع اليهود والنصارى في ذلك فقال في مرض موته : ( لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا ) رواه البخاري ( الصلاة / 417) .
وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حذَّر من القيام عليه ، فقد جاء في الحديث : ( إِنْ كِدْتُمْ آنِفًا لَتَفْعَلُونَ فِعْلَ فَارِسَ وَالرُّومِ يَقُومُونَ عَلَى مُلُوكِهِمْ وَهُمْ قُعُودٌ ) رواه مسلم ( الصلاة / 624 )
وجاء في الحديث : ( لا تفعلوا كما تفعل أهل فارس بعظمائها ) وهو في صحيح الجامع برقم (7380) فإذا كان هذا في القيام عليه صلى الله عليه وسلم ، فكيف بالسجود له .
والسجود بهذه الصورة من أخص أنواع العبادة لله عز وجل وقد أمر الله بالسجود له وحده دون سواه قال تعالى : ( واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون ) ، فصّلت / 37 ، وقال تعالى : ( فاسجدوا لله واعبدوا ) النجم / 62 .
أما الفعل المشروع فهو : ( الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ) في الدعاء ، وهي من الآداب التي ينبغي أن تُراعى .
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى : أجمع العلماء على استحباب ابتداء الدعاء بالحمد لله تعالى والثناء عليه ثم الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك تختم الدعاء بهما ، كما جاء في الحديث : ( بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَجِلْتَ أَيُّهَا الْمُصَلِّي إِذَا صَلَّيْتَ فَقَعَدْتَ فَاحْمَدْ اللَّهَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ وَصَلِّ عَلَيَّ ثُمَّ ادْعُهُ قَالَ ثُمَّ صَلَّى رَجُلٌ آخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّهَا الْمُصَلِّي ادْعُ تُجَبْ ) رواه الترمذي (الدعوات / 3398 ) وأبو داود 1481 ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود برقم ( 2756 ) وعن فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ قال : سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلا يَدْعُو فِي صَلاتِهِ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَجِلَ هَذَا ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ ثُمَّ لْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لْيَدْعُ بَعْدُ بِمَا شَاءَ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ) الترمذي / 3399 وصححه الألباني في صحيح أبي داود (2767) وجاء في الحديث عن عبد الله بن مسعود قَالَ كُنْتُ أُصَلِّي وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ مَعَهُ فَلَمَّا جَلَسْتُ بَدَأْتُ بِالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ ثُمَّ الصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ دَعَوْتُ لِنَفْسِي فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلْ تُعْطَهْ سَلْ تُعْطَهْ ) رواه الترمذي (الجمعة / 541) وقال الألباني في صحيح الترمذي حسن صحيح . برقم (486) .
وأما الصفة الشرعية في صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أن يقال : ( اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ) رواه البخاري ( أحاديث الأنبياء / 3119 ) هذه هي صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، أما ما ورد في السؤال من السجود للنبي صلى الله عليه وسلم فهذا محرم ، وهو شرك أكبر ، لأن السجود لا يكون إلا لله فالواجب على المسلم أن يتعلّم أمور دينه من الكتاب والسنة ومن أهل العلم الموثوق بعلمهم وأن يسأل عن كل ما أشكل عليه حتى لا يقع في الشرك والعياذ بالله .
المكتب العلمي للدراسات والبحوث / قسم الفتوى
السبت 20 رجب 1439 هجرية 7 نيسان 2018