“الوفاء بالعهد ”
بيان معنى الوفاء بالعهد :
معنى الوفاء بالعهد : امتثال ما أمر الله به ورسوله، واجتناب ما نهى الله عنه ورسوله، وقد أمرنا – سبحانه وتعالى – بالوفاء بالعهد في آية الأنعام، فقال : “وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا “(الأنعام، الآية: 152) قال الطبري رحمه الله : “وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا” يقول : وبوصية الله التي أوصاكم بها فأوفوا، وإيفاء ذلك أن يطيعوه فيما أمرهم به ونهاهم عنه، وأن يعلموا بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وذلك هو الوفاء بعهد الله (كما في تفسيره) وقال القرطبي رحمه الله : “وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا” عام في جميع ما عهده الله إلى عباده، ويحتمل أن يراد به جميع ما انعقد بين إنسانين وأضيف ذلك العهد إلى الله من حيث أمر بحفظه والوفاء به (كما في تفسيره) وقال ابن الجوزي رحمه الله : وعهد الله يشتمل على ما عهده إلى الخلق وأوصاهم به، وعلى ما أوجبه الإنسان على نفسه من نذر وغيره (كما في تفسيره) .
قلت : ومما يدل على ذلك قوله تعالى : “وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (34) “(الإسراء، الآية: 34) أي : يسأل الإنسان عنه .
مما لا شك فيه أن جميع العهود في غاية الأهمية، كيف والله يقول : “إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا” لكن من المهم ما هو أهم، فيمكن أن يقال: من أهم العهود الوفاء بعهد الله وعهد الرسول إذا أعطي لقوم، دل على ذلك حديث بريدة بن الحصيب الأسلمي رضى الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا أمَّر أميرًا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه، ثم قال : اغزوا بسم الله – وفيه – ثم قال : وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيه؛ ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله» الحديث (أخرجه مسلم) .
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تحت هذا الحديث : «فيه مسائل، الأول : الفرق بين ذمة الله وذمة نبيه وذمة المسلمين» (كما في تيسير العزيز الحميد ) وقال حفيده الشيخ سليمان بن عبد الله رحمه الله : الذمة : العهد وتخفر : تنقض ، يقال : أخفرت الرجل إذا انقضت عهده وخفرته أجره، ومعناه أنه خاف من نقض من لم يعرف حق الوفاء بالعهد في جملة الأعراب، وكأنه يقول : إن وقع نقض من معتد كان نقض عهد الخلق أهون من نقض عهد الله تعالى والله أعلم..(كما في تيسير العزيز الحميد ) وكذلك العهد الذي عقد فيه الأيمان، قال تعالى : “وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ” (النحل: 91) .
قال ابن كثير رحمه الله : “وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا” لأن هذه الأيمان المراد بها الداخلة في العهود والمواثيق (كما في تفسيره) .