تتمة أقسام المجاز
القسم الرابع
اطلاق اسم الفعل على غير فاعله لمّا
كان سببا له وهو أربعة أقسام :
الأول : نسبة الفعل إلى من كان سببا له. من ذلك قوله تعالى : ( قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ) وهو من عند الله على الحقيقة ، ولكنه نسب ما أصابهم من قتل اخوتهم الى سببه. ومنه قوله تعالى : ( فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ ) والماهد هو الله على الحقيقة ، ولكنه نسب اليهم تمهيد المرقد لتسببهم اليه بالعمل الصالح.
الثاني : اطلاق نسبة الفعل على سبب سببه وهو في القرآن كثير. ومنه قوله تعالى :
( رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ ) نسبوا صليّ النار إلى سبب سببه لأن الكبراء أمروهم وهم امتثلوه والمقدّم على الحقيقة هو الله تعالى ، وسبب كفرهم أمر رؤسائهم اياهم بالكفر. ومنه : ( فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ ) ومنه قوله تعالى : ( كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ ) ومنه : ( فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى ) المخرج والنازع على الحقيقة هو الله تعالى.
الثالث : نسبة الفعل الى الآمر به ، وهو في القرآن كثير. منه قوله تعالى : ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما ) ومنه : ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما ) ومنه قوله تعالى : ( فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ
جَلْدَةً ) فان كان هذا أمرا للولاة فهو أمر بالأمر باقامة الحدود ، وان كان أمرا لمستوفى الحقوق أو مباشرها فهو حقيقة ( فأما ) قوله : رجم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ماعزا والغامدية. وقوله : لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها. فكل ذلك من باب نسبة الفعل الى الآمر به. ومن ذلك قوله تعالى : ( وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ ) أي أمر من ينادي في قومه.