الصبر على البلاء والثبات عند المحنة معول يحطم الصعاب
ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أشدُّ الناس بلاءً الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل”..وقوله صلى الله عليه وسلم: يُبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه”.. لكن ليس معنى ذلك أن البلاء هو غضب من الله، أو أن طريق الإيمان هو طريق البلاء أو الشقاء لا قدر الله، فالعبد المؤمن ييسّر الله عنه ويهيئه ويخفف عنه، فالله سبحانه وتعالى لا يُحمِّل النفس إلا وسعها.
ولما أراد الله تعالى أن يختبر أيوب وزوجه، بدأت سلسلة من المحن والابتلاءات تتوالى عليهما ، فأمات الله لهما الأولاد والبنات، ويذكر إنه كان لهما من الأولاد سبعة ومن البنات سبع ، وضاع منهما المال، وكان مالهما شاملاً متنوعًا، فكان منه العملات الفضية والذهبية، والماشية، والأرض والأغنام والقصور. فتوالت الأحداث والمحن تباعًا فماتت الأغنام، وبيع الذهب، وضاعت الأموال والأراضي والقصور، وضاق عليهما الرزق وذهب الجاه.وفوق كلّ ذاك ابتلي نبي الله أيوب بمرض جلدي نادر وشديد، فنحُل جسده وتغير شكله، وساءت حالته ولم يعد يُرى منه شيء سليم إلا لسانه في الظاهر وقلبه في الباطن، فكان يذكر الله بلسانه، ويؤمن عليه قلبه.
ودام البلاء معه سنوات وسنوات، وكانت زوجته، التي اتفق بعض العلماء أن اسمها كان “رحمة”؛ وإن اختلف علماء آخرون في ذلك ، كانت مثال الزوجة الصابرة المحتسبة التي لم تدخر جهدًا في خدمة زوجها والوقوف بجانبه بكل ماتملك، ومساعدته على الشفاء بكل الطرق.
ولمّا علم أيوب ذلك تألم أشد الألم لزوجته الحبيبة وما أصابها، والمعاناة الشديدة التي لاقتها من جراء مرضه، والصبر على الأذى والاحتياج الذي جعلها تبيع تاجها وزينتها (شعرها). هنالك دعا أيوب ربه وناجاه ورفع أكف الضراعة إلى المولى الجليل عزّ وجلَّ قائلاً: { أنّي مسّني الضر وأنت أرحم الراحمين}. استجاب له ربه جلّ وعلا، وجعل له مغتسلاً وشرابًا فاغتسل في الماء الذي أمطره الله له، وجعل فيه سبحانه وتعالى معجزة الشفاء.
واغتسل سيدنا أيوب في هذا الماء المبارك، وبدأت علامات الشفاء تظهر على جسده مرة أخرى، وعوفي تمامًا، وعاد إليه شبابه وجماله وصحته.
فكن من الصابرين وتقين أن البلاء بحر يغسل الادران التي تصيبك والاوجاع التي تؤلمك ، والهموم التي تثقلك ، فصبر على البلاء المعول الوحيد الذي تحطم به كل الصعاب التي تعترض طريقك . ومهما جد الانسان ومهما اجتهد فالله فقدر الله ملاقيه وليس عليك الا ان تحتسب وتصبر والله لايضيع أجر المحسنين .
والحمد لله رب العالمين . وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
المكتب الاعلامي