مسمى الإيمان عند أهل السنة والجماعة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
فصل الإيمان قول وعمل
والإيمان قول باللسان وعمل بالأركان وعقد بالجنان -بالجَنَان- وعقد بالجنان يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان.
الجنان بفتح الجيم القلب، وأما الجنى بكسر جمع جنة، والجنان الجنات، والبساتين الجنان، الجنان جمع جنة، وهي بستان، بساتين منه جنان الجنة، أما الجنان بفتح الجيم العقل، عقل بالجنان يعني اعتقاد بالقلب، القلب الجنان القلب، والجنان جمع جنة وهي البساتين، نعم.-
قال الله تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ فجعل عبادة الله تعالى، وإخلاص القلب، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، كله من الدين.
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق .
فجعل القول والعمل من الإيمان، وقال تعالى: فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وقال: لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا .
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله، وفي قلبه مثقال برة أو خردلة، أو ذرة من الإيمان، فجعله متفاضلا .
هذا الفصل في مسمى الإيمان، مسمى الإيمان عند أهل السنة والجماعة قول وعمل، والقول قسمان:
قول القلب، وهو التصديق والإقرار، وعمل القلب وهو النية والإخلاص، والعمل نوعان:
عمل القلب، وعمل الجوارح، القول قول اللسان، وقول القلب، القول نوعان: قول القلب وهو التصديق والإقرار، وقول اللسان وهو النطق، والعمل نوعان:
عمل القلب وهو النية والإخلاص وعمل الجوارح، فيكون مسمى الإيمان قول باللسان، تصديق بالقلب وعمل بالقلب، وعمل بالجوارح، يزيد وينقص، يزيد بالطاعة، وينقص بالعصيان.
هذا هو الذي عليه أهل السنة والجماعة وهو الذي دلت عليه النصوص أن الإيمان قول وعمل، وأن الإيمان قول بالقلب، ونطق باللسان، وعمل بالقلب، وعمل بالجوارح، يزيد بالطاعة، وينقص بالعصيان، كما في هذه الأدلة قال تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ فجعل الدين هو الإيمان عند الإطلاق، مكون من عبادة الله، وإخلاص الدين له، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، كله يسمى دين، كله دين، عبادة الله وإخلاص الدين.
والإخلاص يكون بالقلب، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، أقوال باللسان، وعمل بالجوارح، وإخلاص بالقلب، وعبادة كل هذا جعله من الدين، وفي حديث أبي هريرة: الإيمان بضع وسبعون شعبة وفي رواية البخاري الإيمان بضع وستون شعبة ، فأعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان .
فجعل الإيمان بضع وسبعون شعبة، والبضع من ثلاثة إلى تسعة، كل هذه الشعب من الإيمان وذكر مثلا لأعلاها فقال: أعلاها كلمة التوحيد لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان كلمة الشهادة هذا مثال للنطق باللسان، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، هذا مثال لعمل الجوارح، والحياء شعبة من الإيمان، هذا مثال لعمل القلب، فمثل لعمل القلب، وعمل الجوارح، وقول اللسان، وبينهما شعبة متفاوتة، فالصلاة شعبة، والزكاة شعبة، والصوم شعبة، والحج شعبة، والأمر بالمعروف شعبة، والنهي عن المنكر شعبة، وبر الوالدين شعبة من شعب الإيمان وصلة الرحم شعبة، والجهاد في سبيل الله شعبة، كف الأذى عن الناس شعبة، وهكذا هذه شعب الإيمان.
وكذلك حديث وفد عبد القيس قال النبي آمركم بأربع، وأنهاكم عن أربع: آمركم بالإيمان بالله وحده، أتدرون ما الإيمان بالله وحده: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد ا رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن تؤدوا خمس ما غنمتم ففسر الإيمان بالشهادتين، والصلاة والزكاة والصوم، فدل على أن الأعمال داخلة في مسمى الإيمان، والإيمان يزيد وينقص، قال تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ يزيد وينقص يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية.
هذا هو الصواب الذي تدل عليه النصوص، وأن الإيمان قول باللسان، واعتقاد وعمل بالقلب، وعمل بالجوارح، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، ولهذا يقول العلماء الإيمان قول باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالأركان أي الجوارح، يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان، خلافا للمرجئة المرجئة ذهبوا إلى أن الأعمال ليست داخلة في مسمى الإيمان.
قالت المرجئة الإيمان تصديق القلب فقط، إذا صدّق بقلبه، فهو مؤمن، والمرجئة طائفتان: المرجئة المحضة الغلاة الجهمية يقولون: الإيمان هو التصديق، يقولون: الإيمان هو المعرفة، إذا عرف الإنسان ربه بقلبه فهو مؤمن عند الجهم ولو فعل نواقض الإسلام، ولا يكفر إلا إذا جهل ربه بقلبه وعلى هذا يكون إبليس مؤمن على مذهب الجهم وفرعون مؤمن؛ لأنه عرف ربه بقلبه. هذا من أفسد ما قيل في تعريف الإيمان: إنه هو المعرفة.
ومثله -أيضا- قول الكرامية إن الإيمان هو الإقرار باللسان. وأما مرجئة الفقهاء فلهم روايتان – للإمام أبي حنيفة رحمه الله روايتان-:
الرواية الأولى: أن الإيمان شيئان: تصديق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل الجوارح واجب آخر ليس من الإيمان. والرواية الثانية عن الإمام أبي حنيفة أن الإقرار باللسان ركن زائد ليس من الإيمان، والإيمان تصديق بالقلب، وهذا مذهب الماتريدية وهذه كلها أقوال ليست صحيحة.
والصواب: ما ذهب إليه العلماء ودلت عليه النصوص، أن الإيمان: تصديق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالقلب وعمل بالجوارح. أما المرجئة فأخرجوا الأعمال من مُسمّى الإيمان، قالوا: أعمال القلوب وأعمال الجوارح ما تدخل في الإيمان. والإقرار باللسان منهم من أدخله ومنهم من منعه، وهذا مخالف للنصوص، -أي نعم- الخوارج ++لكن جمهور العلماء على أنهم مبتدعة وأنهم عصاة، وهو الذي ذهب إليه الصحابة الصحابة عملهم وعمل ++ لكن ظاهر النصوص أنهم كفار وهو القول الثاني قال صلى الله عليه وسلم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية++ ثم لا يعودون إليه نعم. وأبو حنيفة في الرواية المشهورة: أن الإيمان إقرار باللسان وتصديق بالقلب، هذا الذي عليه جمهور أصحابه.
والرواية الثانية: أنه تصديق بالقلب فقط، والإقرار باللسان ركن زائد، وهذا هو مذهب أبي منصور الماتريدي الماتريدية أن الإيمان: تصديق بالقلب فقط؛ لأن أبا حنيفة يعتبر من مرجئة الفقهاء أول من قال بالإرجاء حماد بن أبي سليمان شيخ الإمام أبي حنيفة سمَّوْهم مرجئة الفقهاء هم طائفة من أهل السنة لكن خالفوهم في مُسمَّى الإيمان في اللفظ ووافقوهم في المعنى، وإن كان هذا الخلاف له أثر يترتب عليه، ليس لفظيا من جميع الوجوه.
أما المرجئة الغلاة وهم الجهم هؤلاء خلافهم يترتب عليه فساد في العقيدة، وليس من أهل السنة نعم؛ الشيخ حماد بن أبي سليمان هو أول من قال بالإرجاء. نعم, لا شك أن الإيمان يكون بالقلب وباللسان وبالجوارح، نعم، لكن ابن حبان رحمه الله غير محقق في صحيحه، فله أغلاط في صحيحه، في الجزء الأول في صحيح ابن حبان ذكر فيما يتعلق بالعقائد ما يتمشى مع أهل البدع، ليس من أهل السنة ولا يتمشى مع معتقد أهل السنة والجماعة
البيهقي رحمه الله- جمع شعب الإيمان حتى أوصلها إلى تسع وسبعين وسماه كتاب شعب الإيمان، كل ما ورد في النص أنه شعبة سمّاه شعبة: الصلاة شعبة، والزكاة شعبة…., حتى أوصلها إلى تسع وسبعين شعبة، وقال: البضع من ثلاث إلى تسع، وقال: تحرر لدي أن شعب الإيمان تصل إلى تسع وسبعين شعبة، وقال يريد أن يفسر هذا الحديث: الإيمان بضع وسبعون شعبة.. يعني تحرى وجمع ما ورد في النص أنه شعبة وسماه شعبة، حتى وصلها إلى تسع وسبعين، وسمى كتابه “شعب الإيمان”. نعم.