القاعدة الاصولية ليوم الاحد 3 شعبان 1435
نشرت بواسطة: admin
في قسم الدعوة والدعاة
يونيو 1, 2014
165 زيارة
القاعدة الخامسة: عدم إغفال المصالح الإيمانية عند التعليل بالمصالح والمفاسد:
فكثيراً ما تعلل الأحكام الشرعية بتحصيل المصالح ودرء المفاسد، وهذا حق فالشريعة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((جاءت بتحصيل المصـالح وتكميلها، وتعطيل المفـاسد وتقليلها))[41].
ولكن ما ينبغي التفطن له ومراعاته أن الشريعة لم تعتبر المصالح المادية أو المصالح الدنيوية فقط، ولكنها اعتبرت المصالح الإيمانية أيضاً، ولو أخذنا تحريم الخمر مثلاً، سنجد البعض يتحدث عن أضرار الخمر الصحية ومفاسده الاجتماعية ويسهب في ذلك، ولا يتعرض للمفاسد الإيمانية الحاصلة بسببه، ومثل ذلك تحريم الميسر (القمار) فهو كثيراً ما يعلل بالمفاسد الاقتصادية دون التعرض لما ينتج عنه من فساد في الدين، لكن القرآن في تحريمه للخمر والميسر ذكر المفاسد الناشئة عن الخمر والميسر في الدين والدنيا فقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ﴾ [ المائدة: 91].
قال الإمام الشوكاني: ((وقد أشارت هذه الآية إلى ما في الخـمر والميسر من المفاسد الدنيوية بقوله: إِ﴿ نَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْـضَاء ﴾، ومن المفـاسد الدينية بقـوله: ﴿ ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة ﴾))[42].
والفقه يقتضي التفطن لهذه المسألة وعدم الغفلة عنها، قال شيخ الإسـلام ابن تيمية رحمه الله: ((وكثير من الناس يقصر نظره عن معرفة ما يحبه الله ورسوله من مصالح القلوب والنفوس ومفاسدها وما ينفعها من حقائق الإيمان وما يضرها من الغفلة والشهوة…
فتجد كثيراً من هؤلاء في كثير من الأحكام لا يرى من المصالح والمفاسد إلا ما عاد لمصلحة المال والبدن، وغاية كثير منهم إذا تعدى ذلك أن ينظر إلى سياسة النفس وتهذيب الأخلاق بمبلغهم من العلم، كما يذكر مثل ذلك المتفلسفة والقرامطة مثل: أصحاب رسائل إخوان الصفا وأمثالهم…
وقوم من الخائضين في أصول الفقه وتعليل الأحكام الشرعية بالأوصاف المناسبة إذا تكلموا في المناسبة، وأن ترتيب الشارع للأحكام على الأوصاف المناسبة يتضمن تحصيل مصالح العباد ودفع مضارهم، ورأوا أن المصلحة نوعان: أخروية ودنيوية. جعلوا الأخروية ما في سياسة النفس وتهذيب الأخلاق من الحكم. وجعلوا الدنيوية ما تضمن حفظ الدماء والأموال والفروج والعقول والدين الظاهر. وأعرضوا عما في العبادات الباطنة والظاهرة من أنواع المعارف بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله وأحوال القلوب وأعمالها: كمحبة الله وخشيته، وإخلاص الدين له، والتوكل عليه، والرجاء لرحمته ودعائه وغير ذلك من أنواع المصالح في الدنيا والآخرة))[43].
مكتب الدعوة والدعاة
الاحد 3 شعبان 1435
2014-06-01