بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد:
إن أجمل الكلام ماكان مقترنا” بها .. تلك الإنسانة العظيمة التي من حين أن كتب الله خلقي وأنا بين جنباتها فأول خلقي في بطنها وأول شروقي في حضنها وكفى بذلك فضلا” لها..
إن مما أتعبد الله به هو حديثي عن والدتي التي وصى بها المولى جل جلاله, وجعل حقها فوق كل حق: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان: 14].
وانطلاقا” من قوله تعالى :(:وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ).
إن مما زادني شرفا وفخرا” أن والدتي ولله الفضل والمنة قد حفظت القرآن كاملا” أسأل الله أن يجعله حجة لها لا عليها.. ولكن هناك أسرار أحببت أن أطلعكم إياها بشأن حفظها للقرآن فتجربتها ليست سهلة وماسأكتبه لكم يبين حقيقة هذا الأمر .
في بداية كتابتي لهذا المقال خطرت لي فكرة وهي لماذا لا أجعلها تشاركني كتابة هذا المقال..
فأرسلت لها خمسة أسئلة طلبت منها أن تجاوب عليها بنفسها ..
السؤال الأول:
مالسبب الذي جعلك تقبلين على حفظ القراًن بعد هذا العمر ؟
طبعا تسخير الله لي حفظ كتابه كما أن همتي ورغبتي القوية لهذا الأمر..مع الإخلاص والعزيمة بمعنى الكلمه.
ورغبتي بأن أفوز بما أخبر عنه الرسول :(خيركم من تعلم القران وعلمه) وأن أوفق لأكون من أهل الله وخاصته.
السؤال الثاني:
من كان خلف عزيمتك وهمتك لحفظ القرآن؟
الفضل يعود لزوجي فأفضاله علي كثيرة فوقوفه معي وتذكيري كان دافعا” لي لحفظ القرآن كما أنه قد تنازل عن أشياء كثيرة من حقوقه. كما أن لتشجيع أبنائي وبناتي كان مساعدا” لي في حفظ القرآن مساعدتي كثيراً على ذلك.
السؤال الثالث:
كيف كان مشوارك مع الحفظ ؟
مشواري قصة طويلة وبدايتها كان حلم لي أن أحفظ القرآن حيث ابتدأمشواري أولا بتسجيل بدار تحفيظ القران حتى افتتح معهد الزهراء لإعدعد معلمات القرآن الكريم وكنت من أشد الناس فرحا” بهذا المعهد وكنت انتظر بداية افتتاحه لألتحق به ولكن للأسف صدمت عندما تم رفض قبولي لأنني لا أحمل الشهادة الثانوية فببكيت وحزنت كثيراً ….
ولكن هذا الحزن أشعل في نفسي روح التحدي والإصرار فقررت وجزمت بل وأخذت على نفسي عهودا” أنني سأحصل على الشهادة الثانوية إذا كانت مطالبا” لحفظ القرآن و لكي أنال الشرف في انضمامي لهذا المعهد فقمت بالتسجيل في المدرسة (لطالبة منازل) فدخلت الفصل الأول خائفة جدا ..
ولا أخفي عليكم فقط كان الخوف من الفشل قد سيطر علي كثيراً ولكن كانت ثقتي باالله تدفعني أن أناضل من أجل كتاب الله ..مع صعوبة ذلك عندي وذلك أنه ليس من السهل ان أعاود الدراسة بعد (٢٩)سنة …مع أنني في فترة من الفترات كنت أداوم الصباح في المعهد والعصر أعمل كمدرسه بدار البيان وفي المساء كنت ملتحقة بدورة للحاسب الآلي بمعهد مقلة .. ولله الحمد كنت أجد بركة في وقتي والسبب هو القرآن الكريم .
السؤال الرابع:
هل تغيرت أشياء في حياتك أثناء حفظك للقرآن ؟
بلا شك فكل حياتي تغيرت فلم أكن قبل القرآن إلا أم مسوؤلة عن أولادها فقط فالجوانب التي تغيرت كثيرة إجتماعية وعلمية وعملية…
إن أهم تغيير أحسست وهو أنني عند قراءة آخر آية على أستاذتي هو أنني شعرت بقشعريرة في جسدي لا أدري أهي فرحة أم هم الثقل في حمل القرآن وحفظه .
السؤال الخامس:
ماهي رسالتك لربات البيوت من هم في سنك؟
رسالتي أقول لهن : إن حفظ كتاب الله والعلم الشرعي والدعوة إلى الله ليس محتكرة على من يحمل شهادات كما أنه لايرتبط بعمر وزمن محدد فأوصي ببذل الجهود لحفظ كتاب الله ومن هنا أنصح كل ربات البيوت أن يسارعن في حفظ كتاب الله ولو شيئا يسيرا ولنتعلم العلم الشرعي لكي نربي أجيال واعية تعرف الحلال من الحرام.
أسأل الله أن يكون شاهدا” لي لا علي …
وما توفيقي إلا باالله عليه توكلت وإليه أنيب
هكذا حفظت أمي القرآن…….
هكذا كانت هي أمي فهمتها العالية اعتبرها درسا” أستفدت منه مدى الحياة..
وإن قلبي لتغمره السعادة حينما تخرج منه هذه الكلمات في حبيب لن يأتي الزمان بمثله …
صدقيوني أنني أعجز عن الكلام قبل الكتابة وماذا عسااي أن أقول عنها ولكن يكفي وصفا” لها بأنها (أمي)….
أمي أول كلمة نطقتها
أمي أول إنسان رأيته
أمي أول إنسان أحببته
أمي أول إنسان عانقته
أمي أعطتني كل مالديها من حب وعطف وحنان ولم تبخل بل كانت مسرفة في ذلك …
وأبدع الشاعر بقوله:
أمي نداء محبة — بل إن كل الحب أم
فإذا كتبت حروفه — فاض الضياء من القلم
الأم أول كلمة — رسمت على شفة وفم
والله كرم ذكرها — بين القبائل والأمم
نزلت بها آياته — وببرها المولى حكم
تعجز حروفي في وصفها ولو أردت أن أتحدث لكم عنها لم يكفني يوم ولا شهر ولاسنة كاملة …
وأنتم كذلك تبادلونني نفس الشعور فمن ذا الذي يمل من الحديث أمه..
ولكن أريد أن أشير إلي بعض ماتعلمته منها…
تعلمت من أمي أن أكون مخلصا” في عملي .
تعلمت من أمي العزيمة والإرادة فحينما أمر بحالة
ضعف وفتور نهلت من عزيمتها التي لطالما دفعتي لتحقيق النجاح.
تعلمت من أمي أنه لايوجد أمر صعب فبالعمل والاستمرار عليه تستطيع تحقيق ماتريد.
تعلمت من أمي أن أكون ممن يهتم بالعلم وأهله وأن يكون الكتاب بين يدي دائما” لأن المعرفة أساس البناء.
تعلمت من أمي أن أكون دائما صافي الفكر مرتاح البال لايجد الحقد لقلبي طريقا.
وأخيرا”:
إن البر بالأم هو طاعة ربانية لاتماثلها طاعة بل هو من أخلاق الأنبياء؛ قال تعالى عن يحيى – عليه السلام -: {وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا} [مريم: 14]، وقال عيسى – عليه السلام -: {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا} [مريم: 32].
فاللهم احفظ والدينا والبسهم لباس الصحة والعافية وأطل في أعمارهم على طاعتك
اللهم اجعلنا ممن يبر بوالديه
اللهم اجعلنا ممن يبر بوالديه
اللهم اجعلنا ممن يبر بوالديه
ياأكرم الأكرمين
وصلي اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
بقلم : عبدالعزيز سالم شامان الرويلي
يوم السبت (1435-7-3)