بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمدلله مُذهب السيئات بالحسنات وغافر السيئات بالحسنات ؛ والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين بشيرا ونذيرا وهاديا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ، أما بعد
فهذه بعض القواعد في الحسنات والسيئات أسوقها بشرى للطائعين ودعوة للمذنبين إلى التوبة وكلنا مذنب والله عزيز حكيم .
القاعدة الأولى:
من القواعد المهمة المتكرر ذكرها أن الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مئة ضعف إلى أضعاف كثيرة ؛ والسيئة بمثلها ويغفر الله لمن يشاء .
ومعلوم يقينا لا شك فيه ولا جدل أن الوزن يومئذ الحق فلا تظلم نفس شيئا .
وعلى هذا فمن عمل سيئات وحسنات بنفس القدر فالمرجو أن تغلب حسناته سيئاته في الوزن وقد قال الله سبحانه : (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) .
فالمفترض أن يكون العبد منتبها لهذا الأمر فكلما كان عنده سيئات كلما كان ينبغي عليه أن يكثر من الحسنات .
والشيطان يعلم هذا الأمر فهو لا يكتفي بأن يجعل العبد يقع في الذنب ؛ بل هو يحرص على أمر آخر وهو عدم فعل العبد للطاعة ؛ إذ أنه مع فعله للطاعة لن يبقى للذنب أثر بإذن الله وسيثقل ميزانه بحسناته .
فمهما وقعت في الذنوب فلا تترك الطاعات بدعوى أنك لست أهلا لفعلها ود الشيطان لو ظفر منك بهذا .
القاعدة الثانية :
وهي أن الحسنات يُذهبن السيئات وليس العكس وفي هذا بيان سعة رحمة الله .
قال تعالى : ( إن الحسنات يُذهبن السيئات) .
ولو كان العكس لهلك الناس جميعا ؛ فالمسلم ينبغي أن يتزود غاية ما يمكنه من الحسنات فهو لا يعلم عن مقدار سيئاته وذنوبه لكنه يعلم أن الحسنات يُذهبن السيئات .
القاعدة الثالثة :
أن الله بمنه وكرمه يُبدل سيئات التائب إلى حسنات .
قال تعالى : (إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً).
ولا تبدل حسنات المذنب سيئات .
القاعدة الرابعة :
أن الحسنة تكتب عند الله حسنة كاملة إذا هم بها العبد وإن لم يفعلها ولا تكتب السيئة إلا بفعلها كما صح بذلك الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
القاعدة الخامسة :
أن السيئة إذا وقعت خطأ أو نسيانا أو بإكراه فلا يؤاخذ العبد بها في حق الله سبحانه .
جاء في الحديث :(رُفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ).
وفي الآية الأخيرة من سورة البقرة :( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا).
وقد صح في الخبر أن الله أجابهم بقوله رحمة منه ( قد فعلت ).
ولم أذكر هذه القواعد لتهوين أمر الذنوب والعياذ بالله فقد قال صلى الله عليه وسلم (إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه).
وإنما الهدف منها بعث الأمل وإحياء الرجاء في قلوب يسعى الشيطان جاهدا أن يقنطها من رحمة الله ؛ وقد نسي عدو الله أو تناسى أن عظيم الرحمات يوم المعاد يجعله يتطاول لها ظناً منه أنها ستدركه .
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات .