المؤمن ونزول البلاء عليه وعلى غيره
نشرت بواسطة: admin
في قسم الاسلاميات
فبراير 27, 2014
295 زيارة
المؤمن ونزول البلاء عليه وعلى غيره
ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله , صلى الله عليه وعلى اله واصحابه ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا . إن من سنة الله الكونية وقوع البلاء على المؤمن لحكمة عظيمة حتى لا يكاد يخلو أحد منه قال تعالى : (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) ولذلك ابتلي أشرف الخلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وكثر عليه البلاء فازداد يقينا وصبرا ورضا وضاعف الله أجره ورفع منزلته في الدنيا والآخرة. والمؤمن يبتلى بأنواع وصور من البلاء يخسر مالا عظيما وتارة لا يوفق في أبواب الدنيا ومع ذلك قد يبتلى بكثرة العيال ويركبه هم وغم لأجل القيام على مصالحهم وفي المقابل قد يحرم الولد فيتجرع مرارة الحرمان ومنهم من لا يرزق دارا فيعيش تحت رحمة ملاك الدور الذين في الغالب لا يعرفون السماحة ومن البلاء المستطير أن يركب المؤمن دين عظيم لا يستطيع الوفاء به فيحمله ذلك على المآثم ومن أعظم البلاء أن يتسلط على المؤمن بعض الأراذل في مصلحة أو عمل أو سلطة فيظلمونه ويقهرونه ولا يعرفون قدره ومن البلاء العام أن يبتلى المؤمن بحاكم جائر لا يوفيه حقوقه الدنيوية من مسكن وصحة وغيرها ولا يجد طريقا لإيصال صوته لتمكن بطانة السوء . كنا بالأمس نعيش نعمة الامن والامان التي وهبها الله سبحانه وتعالى وكنا شعب متماسك تسوده المحبة والامان ولكننا ابتعدنا عن الله سبحانه وتعالى وتمادينا على الله وسلط علينا البلاء لابتعادنا عن الله سبحانه وتعالى البلاء الذي نزل بينا والذي نعيشه الان من ذو احد عشر سنة لأننا ضيعنا حقوق الله واستنادا لقوله تعالى (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا ) ونزول البلايا والمصائب لا يختص به أحد دون أحد؛ فقد تنزل بالبر والفاجر، والمسلم والكافر. ولكنْ فرقٌ بين نزولها على البر المؤمن، وبين نزولها على الفاجر أو الكافر؛ فالمؤمن البر يستقبلها برضا وسرور؛ فترتفع بها درجاته في الدنيا والآخرة. وكلما زيد في بلاء المؤمن فصبر واحتسب ورضي-أعانه الله، ولطف به، وأنزل عليه من السكينة والرضا، واليقين، والقوة ما لا يخطر ببال. أما الفاجر والكافر، فيستقبلها بهلع، وجزع، فتزداد مصائبه، وتكون من عاجل العقوبة له. فأين أحوال أولئك العصاة مِنْ أحوال مَن اعتصموا بالله، وهُدوا إلى صراطه المستقيم؟ فهذا عمر بن عبدالعزيز-رحمه الله- يقول: “أصبحت ومالي سرور إلا في مواضع القضاء والقدر؛ إن تكن السراء فعندي الشكر، وإن تكن الضراء فعندي الصبر”. وهذا شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يقول لما أودع غياهب السجن: “ما يصنع بي أعدائي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري، أين رحت فهي معي لا تفارقني؛ أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة”. ويقول: “إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة”. ويقول -رحمه الله-: “الإنسان في الدنيا يجد في قلبه بذكر الله، وذكر محامده، وآلائه وعبادته -من اللذة- ما لا يجده بشيء آخر”. وقال ابن القيم متحدثاً عن شيخه ابن تيمية -رحمهما الله-: “وكان يقول في محبسه في القلعة: لو بذلت ملء هذه القلعة ذهباً ما عدل عندي شكر هذه النعمة، أو قال: ما جزيتهم على ما تسببوا إلي فيه من الخير ونحو هذا. وكان يقول في سجوده وهو محبوس: اللهم أعني على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك، ما شاء الله. وقال لي مرة: المحبوس من حُبس قلبه عن ربه -تعالى- والمأسور من أسره هواه. ولما دخل القلعة، وصار داخل سورها نظر إليه، وقال: (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ) الحديد: 31. ويواصل ابن القيم حديثه عن ابن تيمية فيقول: “وعلم الله ما رأيت أحداً أطيب عيشاً منه قط، مع ما كان فيه من ضيق العيش، وخلاف الرفاهية والنعيم، بل ضدها، ومع ما كان فيه من الحبس، والتهديد، والإرهاق، وهو مع ذلك من أطيب الناس عيشاً، وأشرحهم صدراً، وأقواهم قلباً، وأسرِّهم نفساً، تلوح نضرة النعيم على وجهه. وكنا إذا اشتد بنا الخوف، وساءت منا الظنون، وضاقت بنا الأرض-أتيناه، فما هو إلا أن نراه، ونسمع كلامه، فيذهب ذلك كله، وينقلب انشراحاً، وقوة، ويقيناً، وطمأنينة؛ فسبحان من أشهد عباده جنته قبل لقائه، وفتح لهم أبوابها في دار العمل، فآتاهم من روحها، ونسيمها، وطيبها- ما استفرغ قواهم لطلبها، والمسابقة إليها”. والحمد لله رب العالمين … الشيــخ ماجد محمد العجيلي
2014-02-27