العلاقات الانسانية والروابط الاسلامية واهتمام الاسلام بها
نشرت بواسطة: admin
في قسم الاسلاميات
فبراير 6, 2014
329 زيارة
العلاقات الانسانية والروابط الاسلامية واهتمام الاسلام بها
الحمد لله رب العالمين هدى من شاء بفضله وأضل من شاء بعدله وحكمته وأصلي وأسلم على من أرسله الله رحمة للعالمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد . فإن الإسلام نظم العلاقات الإنسانية واعتنى بالروابط الاجتماعية لأن الله يعلم أن الإنسان اجتماعي بالطبع . الناس للناس من بدو وحاضرة بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم ولن تجد في أي دين أو ملة مثل ما تجده في الإسلام من الاهتمام بالآخرين ووجوب الاحترام المتبادل . ولذلك لما سمع قس بن ساعدة الأيادي خطيب قومه عند بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم لما سمع ما يدعو إليه محمد صلى الله عليه وسلم قال قولته مشهورة (لو لم يكن ديناً لكان في أخلاق الناس حسناً) واهتمام الإسلام بالروابط الاجتماعية وما يترتب عليها من خير وفلاح للفرد وصلاح للمجتمع لا يكفيه خطبة أو خطبتان أو بحث أو بحثان وإنما يحتاج من كل فرد مسلم صغير وكبير ذكر وأنثى إلى تأمل ودراسة واعية للأوامر والحث على ذلك وما ينتج عنه من إيجابيات عظيمة كفيلة بسعادة الفرد والمجتمع ونحن ننبه ونشير إلى بعض من الآيات والأحاديث وسير الصالحين الذين يقتدى بهم لأنهم حققوا الأخوة الإيمانية . ففي القرآن الكريم قال تعالى : (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله) سورة الحجرات وذلك بعد قوله تعالى (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما) . سورة الحجرات فبالرغم من الاقتتال وإزهاق النفوس فهم إخوة وقال تعالى في سورة البقرة بعد ذكر القصاص وأحكام القتل (فمن عُفي له من أخيه شيء فإتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان) فذكر تعالى أن القاتل أخ ولو قتل لأن القتل ليس بأعظم شيء بل أعظم شيء الكفر والخلود في النار . وفي الحديث الشريف قال صلى الله عليه وسلم “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً” وقال صلى الله عليه وسلم : “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر” . وقال صلى الله عليه وسلم “المؤمن أخو المؤمن لا يظلمه ولا يحقره ، ولا يخذله بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله” . فالقرآن والحديث الشريف جعلا الإيمان هو القاعدة التي ينطلق منها تعامل المسلم مع أخيه المسلم وهي قاعدة الولاء والبراء والحب والبغض . وقد أوصانا الله سبحانه وتعالى بالعدل والقسط حتى للكافرين غير المحاربين . قال تعالى في سورة الممتحنة : (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) . (إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون) . وقد حكى القرطبي عن كثير من أهل التأويل أن الآية محكمة وذكر الشعراوي رحمه الله أن إبراهيم الخليل عليه السلام جاءه كافر ليبيت عنده فرده لأنه كافر . فعاتب الله إبراهيم عليه السلام وقال له هو كافر أرزقه وأقوم بأمره وأنت لم تبته ليلة عندك فذهب إبراهيم إلى الرجل وقال تعال عندي لأن ربي عاتبني في أمرك فقال الرجل الكافر نعم الرب رب يعاتب أولياءه في أعدائه واسلم . مع ملاحظة الفرق بينما أمرنا به في معاملة الكافرين من العدل والقسط وبين ما نهينا عنه من موالاتهم ومحبتهم فالمحبة لله ولرسوله وللمؤمنين فالله سبحانه وتعالى يرزق الكافر ويعطيه من الدنيا مع عدم محبته له . قال تعالى : (إن الله لا يحب الكافرين) سورة آل عمران . ولو كانت الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافراً شربة ماء . وإذا نظرنا إلى تحقيق هذه الأخوة في المجتمعات الإسلامية قديماً وحديثاً . ففي عهد الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان . نجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو القدوة في ذلك . هو القدوة المثلى هو العلم الذي إذا يهتدي بهديه الناس يرشدوا تحمل الأذى ووضع على ظهره السلى وحوصر في الشعب ولما فتح مكة خطب الناس وقال لقريش ماذا تظنون أني فاعل بكم قالوا أخ كريم وابن أخ كريم . فقال صلى الله عليه اذهبوا فانتم الطلقاء وكان لا ينتقم لنفسه إلا أن تنتهك محارم الله ثم أصحابه ساروا على نهجه وحققوا الأخوة الإيمانية فلما هاجر المهاجرون من مكة إلى المدنية استقبلهم الأنصار وشاركوهم في أموالهم ومساكنهم بل آثروهم على أنفسهم وقد ذكر الله ذلك في سورة الحشر قال تعالى عن الأنصار : (والذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) . سورة الحشر .فتألفت قلوبهم على البر والتقوى والإيمان وأصبحوا إخوة متحابين . قال تعالى : (وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم) سورة الانفال . ومواقفهم في نشر الإسلام تؤيد ذلك والتاريخ والفتوحات شاهدة بتلك الأخوة الإيمانية . ثم جاء من بعدهم ممن سار على نهجهم واقتفى أثرهم نذكر نبذاً يسيره من قصص مروءتهم والمروءة منزلة عالية من منازل الإيمان ومعناها بذل الندى وكف الأذى واحتمال الأذى ذكر ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين أن رجلاً يدعى أبا ضمضم يخرج إلى السوق فيقول اللهم إنك تعلم أنه لا مال لي فأتصدق منه اللهم من سبني أو شتمني فهو في حل من ذلك . فقال صلى الله عليه وسلم : “من يجود منكم كجود أبي ضمضم” . وسب رجل رجلاً واتهمه فقال الرجل للساب إن كان في ما تقول فغفر الله لي وإن لم يكن في ما تقول فغفر الله لك . وكان رجلان يتماشيان فقال أحدهما للآخر نخشى أن يظن الناس بنا فقال دعهم يأثمون ونسلم فرد عليه وماذا عليك لو سلموا وسلمنا . مثل هؤلاء يحبون لغيرهم ما يحبون لأنفسهم ويكرهون لغيرهم ما يكرهون لأنفسهم . والسؤال الذي يطرح نفسه هل مثل هؤلاء سينتابهم قلق أو تتعقد أنفسهم ؟ إنهم يشعرون نحو الآخرين من المسلمين بالحب والعطف وأما في عصرنا الحاضر عصر الرخاء والارتخاء فإننا نشاهد فتوراً بيناً وعدم اكتراث بالأخوة الإيمانية وعدم الاهتمام بالروابط والعلاقات الخاصة مع الأبوين والجيران والأقرباء وعامة المسلمين . فبالرغم مما يقرأ المرء في القرآن الكريم من الحث على بر الوالدين وما ورد في الحديث الشريف من الوصايا بالوالدين والأقربين قال تعالى : (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القربي واليتامى والجار ذي القربى والجار الجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم ) سورة النساء . إلا أننا نجد عدم الاهتمام ببر الوالدين مع عظم حقهما وما قدماه للولد وقد قلت في ذلك من قصيدة الوصايا . واعرف حقوق الوالدين وكن لهم طول الحياة مبجلاً ومقدراً نرجو الله أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه وأن يصرف قلوبنا على طاعته وأن يطهر قلوبنا من الرياء والنفاق والكبر والحسد حتى نأتيه بقلوب سليمه . وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم …
2014-02-06