م/ الأخوة في الإسلام وقاية من الكرة والتباغض بالقلوب
الحمد لله الذي ارسل رسله بالبينات وانزل معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب ان الله قوي عزيز وصلى الله على محمد وعلى اله واصحابه اجمعين في العالمين. فقد حث الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- الإخوة المؤمنين المتحابين في الله، على سلامة الصدور، والتحرر من هذه الأمراض، ففيما روى أنس، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم قال : (لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ ) . أقل درجات الأخوة في الإسلام تبدأ بصفاء النية، وسلامة القلب من المسلم تجاه أخيه المسلم، وتنتهي بأعلى درجات العطاء والمنح: درجة الإيثار (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) . الحشر: 9
فالكره والتباغض بالقلوب، قد يؤدي إلى القطيعة بالأفعال والأقوال أيضًا، والأخوة بفطرتها السليمة، وبنظامها المشروع في الإسلام – تنهى عن الكره والتباغض، حتى إذا عصى الأخ الله، لا يجب على أخيه المؤمن أن يبغضه بغضًا مطلقًا، فالبغض المطلق هو بغض الكافرين؛ لأنهم ليسوا أهلاً لكل خير يدعو للتقويم والإصلاح، أما المؤمن وإن عصى، وإن أصر على معصيته، فيجب على أخيه المؤمن أن يحبه على ما معه من الإيمان، وأن يكرهه على ما معه من الفسق والعصيان، وأن يسعى للعمل على تقويمه وهدايته؛ لقوله فيما روى أبو موسي أنه صلى الله عليه وسلم قال : (المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضًا ) فحري بالإخوة أن يكونوا سببًا لتقويم بعضهم بعضًا، وهداية بعضهم بعضًا. والاخوة هي وقاية من الخصام والتناحر . الأخوة في الإسلام تجعل الإخوة حريصين أن ترفع أعمالهم الصالحة؛ لأن المتخاصمين المتناحرين لا ترفع صلاتهم إلى الله، ولا تقبل حسناتهم وهم متخاصمون، والأخوة . التي غايتها وجه الله الكريم توجب الصلح، والوفاق، والمحبة بين الإخوة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرًا: رجل أمَّ قومًا وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وأخوان متصارمان …( والخصومة والتناحر تؤثر سلبًا على تقدم المجتمعات؛ فالشعوب المتقاتلة تكون مهزوزة ومهزومة، تسير دائمًا إلى الخلف وإلى الهاوية، والأخوة من الوفاق والاتفاق الذي يؤدي إلى رقي المجتمعات ونهضتها وتقدمها ..