م/ هل الحرب التي نعيشها على الاسلام ام حرب على الله
الحَمْدُ للهِ المُتَفَرِدِ بالْعِزِ والإجلال ، المُتَفَضِلِ بالعطاءِ والإفضال ، مُسَخِرِ السَحابِ الثِقال ، جْلَ عن مثلٍ ومِثال ، وتعالى عن حِكَمِ الفِكرِ والخيال قديمٌ لم يزل ولا يزال ، يتفضلُ بالإنَعامِ فإن شُكِرَ زادَ وإن لم يُشكرَ أزال.أحْمَدُهُ تعالى على كلِ حالوأُصلي وأُسلم على رسولهِ محمدٍ أشرفِ من نَطَقَ من الخلقِ وقال وعلى صَاحِبِهِأبي بكرِ باذلِ النفسِ والمال وعلى عُمَر العادلِ فما جار ولا مال وعلى عثمانَ الثابتِ ثبوت الجبال وعلى عليٍ بحرِ العلومِ وبطلِ الأبطال.
تتداخل المصطلحات وتختلف التحليلات وتتعدَّد القراءات لمشاهد العداء التي يتعرض لها الاسلاميون احياناً والمسلمون عامة في اقطار مختلفة من العالم . اهي حرب على فئة من المسلمين لا دخل لها بما يجري في اماكن اخرى ؟ ام هي حربٌ شاملةٌ على الاسلام والمسلمين في جبهات متعددة ، بوسائل مختلفة ؟ ام لعلَّها ….. حرب على الله ،على دينه، وعباده، وبيوته، وشرائعه ؟؟؟.
لقد اقتضت حكمة الله عز وجل ان يبعث على مدار عمر البشرية انبياء ومرسلين ،ثم دعاةً ومصلحين ، وعلماء عاملين، الى جميع امم الارض ، يبلِّغون رسالات ربهم ،ويدعون خلق الله الى عبادة الله وطاعته ، ويقيمون شرعه في ارضه ويصلحون ما افسد المفسدون ، بما اتاهم الله من فضلٍ وعلمٍ حكمةٍ . ودائماً كانت هناك فئات من الناس تحارب الانبياء والدعاة والعلماء ، انتصاراً لأهوائهم ومصالحهم ونفوذهم ، وقد جيَّروا الى جانبهم قطعانا من المنتفعين ، والمنافقين والجهلة ، الذين عادَوا شرع الله ودينه وعباده. ووقفوا يصدُّون عن سبيل الله بكل ما اوتوا من وسائل وإمكانات ،وفي كل الميادين والساحات ، حتى اختلفت علينا الجبهات والمعارك والجولات التي يُستهدَف فيها المسلمون واختلفت معها تقييماتنا وقراءاتنا . ولكننا نحاول ان نسلِّط الضَوء على بعض تلك الجبهات لنقسِّم المشهد المتشابك الى صور قابلة للتشخيص والتحليل.
اكثر نماذج الحرب على المسلمين ، هي الحرب على فئة منهم تحمل مشروعاً سياسياً نهضوياً، من شانه ان يصنع من عقيدة الاسلام ودينه المجيد ، قوةً ونظاماً ومنهج حياة، يؤثر في صناعه الاحداث ، ويغيِّر في موازين القوى، ويمدُّ من نفوذ المستبدين المتسلطين على رقاب العباد والناهبين لثروات البلاد .ففي مصر مثلاً ومعظم الدول العربية لا يختلف عاقلان على أنّ الاسلام دين الغالبية العظمى من المواطنين . وما دام الاسلام محصورا في دائرة التديُّن الشخصي والعبادة الفردية بين العبد وربه ، فالأصل ألا اعتراض على ذلك .ولكنه اذا تعدّى الامر الى اقامة احزاب اسلامية ، ومؤسسات وجمعيات، وبدأت الحركات والجماعات تكون أُطراً سياسية وبرامج تلتف حولها الجماعة ، تبدأ الحرب الضروس ضد هذا الفهم وذلك التطبيق العملي للإسلام . لقد صمت العثمانيون والليبراليون والشيوعيون في مصر دهراً في عهد استبداد القوميين ، ونطقوا كفراً ،وتحركوا بضراوةٍ وعنجهيةٍ ضد الاسلاميين عندما اولاهم الشعب ثقته ، ووكّل اليهم ادارة شئون البلاد والعباد.
انها حرب على الاسلاميين تتعدى في كثير من الاحيان الى الوصف بأنها حرب على الاسلام ، ليس الاسلام كعقيدة وعباده ، وإنما الاسلام كمنهج حياة ودستور لأُمّةٍ ،وكمشروع حضاري يرقى بالمسلمين الى مواقع القوة والاستقلالية والسيادة.
اما في سوريا والعراق وإيران حيث يُستهدف المسلمون السُّنَّة على مختلف تياراتهم وانتماءاتهم الحزبية ،على اساس طائفي يصل الى درجة القمع والتنكيل والقهر السياسي والديني ، فان تلك الممارسات ترقى بشكل واضح الى درجة الحرب على الاسلام ، تشمل تمييزاً وظلماً وقهراً لطائفةٍ كبيرةٍ من المسلمين ، لمنعها من نيل حقوقها،وبلوغ غاياتها في الحياة الكريمة وحق تقرير المصير . وعليه فان قصف المدن السُّنيّة بمساجدها وأسواقها ومنازلها في سوريا ، وتهميش سنّة العراق واستهداف اهواز ايران من اهل السُّنّة كلها ترقى الى الحرب على الاسلام بل تصل في كثير من المشاهد في سوريا الى الحرب على الله تعالى.
لكن الله لبالمرصاد ..
وإذا كان ربُّنا سبحانه قد توعّد بالحرب من عادى له وليَّاً واحداً ، فكيف بمن عادى كل اولياء الله أو كثيراً منهم ؟ وكيف بمن قتَّلهم وشرّدهم ؟ وكيف بمن منع مساجد الله ان يُذكر فيها اسمه وسعى في خرابها؟
فالويل كل الويل للطواغيت والظلمة ، المجرمين والقتلة ، المتجبّرين في الارض والمعلنين الحرب على الله وشرعه وخيرة عباده ، ثمّ الويل لأتباعهم من المنافقين والمرتزقة ، وذوي ألأهواء ، ممَّن ركنوا الى الذين ظلموا فوقفوا في صفّ الباطل اعداءً للحق وأهل الحقّ.
نحن على يقين بأنّ العاقبة للمتقين ، وأنّ المستقبل لهذا الدين ، وأنّ الله عزّ وجلَّ سيطهِّر ارض الاسلام المباركة من كلّ محتلٍّ غاصب ، ومن كلِّ طاغيةٍ متجبِّر .. والله غالب على أمره
المكتب الاعلامي
20/10/2013