م/شجاعة وهيبة عمر الفاروق رضي الله عنه
الحَمْدُ للهِ المُتَفَرِدِ بالْعِزِ والإجلال ، المُتَفَضِلِ بالعطاءِ والإفضال ، مُسَخِرِ السَحابِ الثِقال ، جْلَ عن مثلٍ ومِثال ، وتعالى عن حِكَمِ الفِكرِ والخيال قديمٌ لم يزل ولا يزال ، يتفضلُ بالإنَعامِ فإن شُكِرَ زادَ وإن لم يُشكرَ أزال. أحْمَدُهُ تعالى على كلِ حال وأُصلي وأُسلم على رسولهِ محمدٍ أشرفِ من نَطَقَ من الخلقِ وقال وعلى صَاحِبِهِ أبي بكرِ باذلِ النفسِ والمال وعلى عُمَر العادلِ فما جار ولا مال وعلى عثمانَ الثابتِ ثبوت الجبال وعلى عليٍ بحرِ العلومِ وبطلِ الأبطال.
عن ابن عمر قال: لما أسلم عمر بن الخطاب لم تعلم قريش بإسلامه، فقال: أي أهل مكة أفشى للحديث؟ فقالوا: جميل بن معمر الجمحي، فخرج إليه وأنا أتبع أثره، أعقل ما أرى وأسمع، فأتاه فقال : يا جميل إني قد أسلمت. فقال: فوالله ما رد عليه كلمة، حتى قام عامدًا إلى المسجد، فنادى أندية قريش فقال: يا معشر قريش إن ابن الخطاب قد صبأ. فقال عمر: كذب، ولكني أسلمت وآمنت بالله وصدقت رسوله. فثوروه فقاتلهم حتى ركدت الشمس على رءوسهم، حتى فتر عمر، وجلس فقال: افعلوا ما بدا لكم، فو الله لو كنا ثلاثمائة رجل لقد تركتموها لنا أو تركناها لكم. فبينا هم كذلك قيام إذ جاء رجل عليه حلة حرير، وقميص موشى، فقال: ما لكم؟ فقالوا: إن ابن الخطاب قد صبأ. قال: فمه، امرؤ اختار دينًا لنفسه، أتظنون أن بني عدي تسلم إليكم صاحبهم؟ قال: فكأنما كانوا ثوبًا انكمش عنه. فقلت له بعدُ بالمدينة: يا أبت، من الرجل الذي رد عنك القوم يومئذ؟ قال: يا بني، ذاك العاص بن وائل.
هذا هو الفاروق عمر بن الخطاب يعلن إسلامه علانية أمام أئمة الكفر وأساطين الضلالة دون خوف أو جبن من العقاب والإيذاء الذي سوف يناله من كفرهم وعنادهم، لقد سطع نور الإسلام في قلب عمر وأراد لهذا الدين أن يسود، وأن يكون لصاحبه حق الإعلان عن ولائه لهذا الدين، وأن تكفل له حقوق إبداء الرأي وممارسة شعائر دينه. وقصة إسلام عمر تدل على شجاعته وقوته، فهو يريد قتل خاتم الأنبياء، ويتوشح سيفه عند الهاجرة، ولكن إرادة الله تجعل نعيم بن عبد الله يقابله، ويخبره عن إسلام أخته وزوجها، فيتحول إلى بيتها، ويعلو على زوجها، ويشج وجه أخته، وتسيل الدماء. فيرق قلب عمر، وينطق بالشهادة.
“قال عبد الله بن مسعود: كَانَ إِسْلامُ عُمَرَ فَتْحًا، وَكَانَتْ هِجْرَتُهُ نَصْرًا، وَكَانَتْ إِمَارَتُهُ رَحْمَةً، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نُصَلِّيَ فِي الْبَيْتِ حَتَّى أَسْلَمَ عُمَرُ، فَلَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ قَاتَلَهُمْ حَتَّى تَرَكُونَا فَصَلَّيْنَا”
واتصف الفاروق رضي الله عنه بالهيبة لما كان عليه من قوة الدين، والحرص على أمر الله، والوقوف عند حدوده .
ومن هيبة الفاروق رضي الله عنه أن هناك جارية نذرت أن تضرب بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام إن رده سالمًا، فلما أذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوفاء بما نذرت فجعلت تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل عليّ وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخل عمر فألقت الدف تحت استها، وقعدت عليه هيبة له .
وانه كان للإسلام حصنًا فقمع الكافرين وكبت المنافقين وعلت في خلافته راية الموحدين.
المــــــكــتب الســــــــياســـــــــي
12/07/2013