بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمّدًا عبده ورسوله. أما بعد:
فإنّ اللسان من أخطر ما خلق الله في جسم الإنسان، لذا يقول -تعالى- منبهًا المؤمنين: وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ
لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا [الإسراء: 53].
سأل الصّحابي الجليل معاذ بن جبل-رضي الله عنه- النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم – عن العمل الّذي يُدخل الجنّة، ويُباعده عن النّار، فأخبره – صلّى الله عليه
وسلم- برأسه، وعموده وذروة سنامه، ثم قال: {ألا أخبرك بملاك ذلك كلّه ، قلت: بلى يا رسول الله، قال: فأخذ بلسانه، قال: كفّ عليك هذا. فقلت: يا نبيّ الله
وإنّا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكبّ النّاس في النّار على وجوههم ، أو على مناخرهم ، إلا حصائد ألسنتهم ؟ } [ رواه التّرمذي
2616 وصححه الألباني ].
إن تطهير اللسان من الآفات، والتثبُّت قبل القول، ووزن الكلام قبل التّكلم به أمرٌ ذو شأنٍ، إذ به تُضمن الجنّة كما قال النّبيّ –صلّى الله عليه سلم-: {من يضمن لي
ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنّة} رواه البخاري 6474] .
وما ظهر في الآونة الأخيرة من التصريحات الممتلئة بالشحن النفسي وفقدان الملكة ومنابزة الشارع بكلمات تدفع الناس الى العصبية والتصرف غير المنضبط كان من
الواجب على من يخاطب الناس أن يتقي الله فيهمبتوجبه الكلمات التي توحد الصفوف وتجمع الكلمات والابتعاد عن الكلمات التي تجرح الآخرين وتصفهم بأوصاف
ممنوعة شرعا والله تعالى بين صيغة الخطاب بالين حتى مع الكفار والطواغيت لأجل أن لا تستفز النفوس ويخرج منها ما لا يسيطر عليه قال تعالى ﴿ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا
لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طه: 44] . فنهيب بالسياسيين أن يفتحوا أبواب الخير بالكلمات التي أصلها ثابت وفرع في السماء وتؤتي رعيها وثمارها كل وقت وحين
والابتعاد عن الألفاظ التي تنشر عليهم العداوة والكره والبغضاء وتغلق امامهم أبواب التعاون والإصلاح .
ونطالب من ابناء شعبنا الانضباط وعدم الانجرار وراء هيشات وزوبعات الاعلاموالشحن الذي يستخدمه بعض السياسيين أطراف الخلاف فقد تحمل الكلمة التي
يقصد بها الخصوص على المعنى العام لأجل اثارة الفوضى .
سائلين الله العلي القدير ان يهيئ لأبناء شعبنا سبل الوفاق والصلاح ويجنب بلادنا الشر ويجمعنا على الخير .إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه وسلم .
مكتب مستشارية كبار العلماء
الخميس 7 جمادى الثانية – 1434 هجرية