السائل محمود أبو عمشة يسأل _ ما حكمُ التورق المصرفي المنظم الذي يجري الترويج له،أفيدونا؟
أجاب على السؤآل المفتي العام الشيخ الدكتور مهدي بن احمد الصميدعي ( وفقه الله ) الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم وبعد :
أولاً:لا بد أن نتعرف على التورق عند الفقهاء المتقدمين،فالتورق هو أن يشتري شخصٌ سلعةً إلى أجلٍ ثم يبيعها لغير البائع بأقل مما اشتراها نقداً، ليحصل بذلك على النقد، فمثلاً اشترى شخصٌ ثلاجةً بستة آلاف مؤجلةٍ، واستلم الثلاجة من البائع ومن ثمَّ باعها إلى شخصٍ آخر بخمسة آلاف نقداً،فهذا هو التورق. انظر الموسوعة الفقهية الكويتية 14/147،الجامع في أصول الربا ص 174.
وهذه المعاملة جائزةٌ عند جمهور أهل العلم،وقال بعض الفقهاء ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم بكراهتها،ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية عن عمر بن عبد العزيز أنه قال:[التورق أخية الربا] مجموع الفتاوى 29/303.
وقال العلامة مصطفى الزرقا:[إن هذه المسألة التي سألتم عنها تسمى عند الفقهاء ” مسألة التورق ” لأن مشتري البضاعة لا يريد البضاعة لذاتها وإنما يريد الرقة أو الورق وهي الفضة،أي:مقصوده الدراهم” وحكمها الشرعي في رأي العلماء أنها إذا كانت نتيجة تواطؤ -تفاهم مسبق- بين المشتري والتاجر البائع على أن يعيد بيعها للبائع بسعر أقل نقداً”وقد كان اشتراها منه بسعرٍ أعلى مؤجلاً ” فذلك غير جائزٍ شرعاً،لأنه كالمراباة الصريحة- وهذه هي العينة-.أما إذا كان المحتاج إلى النقود”ولا يجد من يقرضه قرضاً حسناً ” قد ذهب من تلقاء نفسه إلى السوق، فاشترى بضاعةً بثمنٍ مؤجلٍ، ثم باعها بدون سابق تواطؤ نقداً بسعرٍ أقل،لكي يحصل على الدراهم التي هي حاجته دون أن يلجأ إلى الاقتراض بالربا،فلا مانع منه شرعاً،بل يعتبر حُسْنَ تصرفٍ منه،كيلا يقع في المراباة] فتاوى العلامة مصطفى الزرقا ص 496.
وقال العلامة محمد بن صالح العثيمين بعد أن ذكر خلاف العلماء في المسألة:[لكن أرى أنها حلالٌ بشروط هي:
الشرط الأول:أن يتعذر القرضُ أو السَّلمُ،أي أن يتعذر الحصولُ على المال بطريقٍ مباحٍ،والقرض في وقتنا الحاضر الغالب أنه متعذر…
الشرط الثاني:أن يكون محتاجاً لذلك حاجةً بينةً.
الشرط الثالث:أن تكون السلعةُ عند البائع،فإن لم تكن عند البائع فقد باع ما لم يدخل في ضمانه،وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم(نهى عن بيع السلع في مكان شرائها حتى ينقلها التاجر إلى رحله) متفق عليه، فهذا من باب أولى،لأنها ليست عنده،فإذا اجتمعت هذه الشروط الثلاثة،فأرجو أن لا يكون بها بأسُ،لأن الإنسان قد يضطر أحياناً لهذه المعاملات. الشرح الممتع 8/232-233.
ثانياً: تعاملت بعض البنوك الإسلامية بما يسمَّى التورق المصرفي أو التورق المنظم،والمراد بالتورق المصرفي المنظم:[أن يقوم المصرفُ الإسلامي بالاتفاق مع شخصٍ ممن يحتاجون إلى النقد،على أن يبيعه سلعةً إلى أجلٍ بثمنٍ أعلى من سعر يومها، ثم يوكل المشتري المصرفَ الإسلامي ليبيع له السلعة بثمنٍ نقدي أقلُّ عادةً من الثمن المؤجل الذي اشترى به السلعة، ليحصل المتورقُ بذلك على الثمن النقدي، وتبقى ذمتهُ مشغولةً للمصرف بالثمن الأكثر لهذه المعاملة] التورق الفقهي وتطبيقاته المصرفية المعاصرة في الفقه الإسلامي ص22، الدكتور محمد شبير
وعرَّف مجمعُ الفقه الإسلامي الدولي:[التورق المنظم في الاصطلاح المعاصر:هو شراء المستورق سلعةً من الأسواق المحلية أو الدولية أو ما شابهها بثمنٍ مؤجلٍ يتولى البائع (المموّل) ترتيب بيعها، إما بنفسه أو بتوكيل غيره أو بتواطؤ المستورق مع البائع على ذلك،وذلك بثمنٍ حالٍ أقل غالباً]
ويتضح أن الهدف من التورق المصرفي المنظم هو الحصول على النقد،وليست السلعة من مقاصد المشتري،وإنما هي واسطةُ نظريةُ للحصول على النقود.فهنالك تواطؤٌ بين الممول (البنك) والمستورق،صراحةً أو ضمناً أو عرفاً،للتحايل على تحصيل النقد الحاضر بأكثر منه في الذمة،وهو الربا بعينه.
ثالثاً:جرى نقاشٌ طويلٌ حول حكم التورق المصرفي المنظم في المجامع الفقهية،وعددٍ من هيئات الرقابة الشرعية للبنوك الإسلامية،وكُتبت أبحاثٌ علميةٌ فيه،ونظراً لأن المجال لا يتسع للتفصيل،فالذي أرجحه وأختاره أن التورق المصرفي المنظم من خلال تطبيقه العملي في البنوك الإسلامية التي تتعامل به،ما هو إلا حيلةٌ قبيحةٌ على الربا،وقد قال بتحريمه أكثرُ العلماء المعاصرين،وصدر بتحريمه قراراتٌ كثيرٌ،منها:قرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي،وقرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي، وقرار مجلس الإفتاء والبحوث والدراسات الإسلامية الأردني وغيرها. وقد ورد في قرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي[أنه قد نظر في موضوع:التورق كما تجريه بعض المصارف في الوقت الحاضر.وبعد الاستماع إلى الأبحاث المقدمة حول الموضوع، والمناقشات التي دارت حوله، تبين للمجلس أن التورق الذي تجريه بعض المصارف في الوقت الحاضر هو:قيام المصرف بعملٍ نمطي يتمُّ فيه ترتيبُ بيع سلعةٍ(ليست من الذهب أو الفضة) من أسواق السلع العالمية أو غيرها،على المستورق بثمنٍ آجلٍ، على أن يلتزم المصرفُ -إما بشرطٍ في العقد أو بحكم العرف والعادة- بأن ينوب عنه في بيعها على مشترٍ آخر بثمنٍ حاضرٍ، وتسليم ثمنها للمستورق،وبعد النظر والدراسة، قرر مجلس المجمع ما يلي:أولاً:عدم جواز التورق الذي سبق توصيفه في التمهيد للأمور الآتية:
(1)إن التزام البائع في عقد التورق بالوكالة في بيع السلعة لمشترٍ آخر أو ترتيب من يشتريها يجعلها شبيهةً بالعينة الممنوعة شرعاً، سواء أكان الالتزام مشروطاً صراحةً أم بحكم العرف والعادة المتبعة.
(2) إن هذه المعاملة تؤدي في كثيرٍ من الحالات إلى الإخلال بشروط القبض الشرعي اللازم لصحة المعاملة.
(3) إن واقع هذه المعاملة يقوم على منح تمويلٍ نقدي بزيادةٍ لما سُمِّي بالمستورق فيها من المصرف في معاملات البيع والشراء التي تجري منه، والتي هي صوريةٌ في معظم أحوالها، هدفُ البنك من إجرائها أن تعود عليه بزيادة على ما قدَّم من تمويل.
وهذه المعاملة غير التورق الحقيقي المعروف عند الفقهاء،وقد سبق للمجمع في دورته الخامسة عشرة أن قال بجوازه بمعاملاتٍ حقيقيةٍ وشروطٍ محددةٍ…وذلك لما بينهما من فروق عديدة فصَّلت القولَ فيها البحوثُ المقدمة.
فالتورق الحقيقي يقوم على شراءٍ حقيقي لسلعةٍ بثمنٍ آجلٍ، تدخل في ملك المشتري ويقبضها قبضاً حقيقياً وتقع في ضمانه، ثم يقوم ببيعه هو بثمنٍ حالٍ لحاجته إليه، قد يتمكن من الحصول عليه وقد لا يتمكن، والفرق بين الثمنين الآجل والحال لا يدخل في ملك المصرف الذي طرأ على المعاملة لغرض تبرير الحصول على زيادةٍ لما قدم من تمويل لهذا الشخص بمعاملات صورية في معظم أحوالها، وهذا لا يتوافر في المعاملة المبينة التي تجريها بعض المصارف.]
وورد في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي ما يلي:[أولاً:أنواع التورق وأحكامها:التورق في اصطلاح الفقهاء:هو شراء شخص (المستورق) سلعةً بثمنٍ مؤجلٍ من أجل أن يبيعها نقداً بثمنٍ أقل غالباً إلى غير من اشتُريت منه بقصد الحصول على النقد. وهذا التورق جائز شرعاً،شرطَ أن يكون مستوفياً لشروط البيع المقررة شرعاً.
التورق المنظم في الاصطلاح المعاصر:هو شراء المستورق سلعةً من الأسواق المحلية أو الدولية أو ما شابهها بثمنٍ مؤجلٍ يتولى البائع (المموِّل) ترتيب بيعها، إما بنفسه أو بتوكيل غيره أو بتواطؤ المستورق مع البائع على ذلك،وذلك بثمنٍ حالٍ أقل غالباً.
التورق العكسي:هو صورة التورق المنظم نفسها مع كون المستورق هو المؤسسة والممول هو العميل.
ثانياً:لا يجوز التورقان( المنظم والعكسي) وذلك لأن فيهما تواطؤاً بين الممول والمستورق،صراحةً أو ضمناً أو عرفاً، تحايلاً لتحصيل النقد الحاضر بأكثر منه في الذمَّةِ وهو ربا.]
وورد في قرار مجلس الإفتاء والبحوث والدراسات الإسلامية الأردني:[التورق المنظم في الاصطلاح المعاصر:هو شراء المستورق سلعةً بثمنٍ مؤجَّلٍ، يتولى البائع (الممول) ترتيب بيعها، إما بنفسه، أو بتوكيل غيره، أو بتواطؤ المستورق مع البائع، وذلك بثمن حالٍّ أقل غالباً.
وإن ما تجريه بعض البنوك الإسلامية من التورق المصرفي المنظم ما هو إلا صورةٌ من صور التحايل على الربا؛ وذلك لأن المقصد الحقيقي من هذه العملية هو الحصول على المال مقابل زيادة؛ حيث يقوم البنك بعملية شراء صورية لبضائع، ثم يبيعها للعميل بمبلغٍ آجلٍ،ومن ثَمَّ يقوم ببيعها مرةً أخرى لطرفٍ ثالثٍ بمبلغ أقلَّ من المبلغ الأول، ويعطي العميل المبلغ الحالَّ، ويُقيِّد عليه جميع المبلغ المؤجَّل.
وهذا في حقيقته قرضٌ ربويٌ،وإن كان في ظاهره صورةٌ من صور التورق، وقد ورد عن الإمام مالك رحمه الله أنه سُئل عن الرجل يبيع السلعة بمئة دينار إلى أجل، فإذا وجب البيع بينهما قال المبتاع للبائع:بعها لي من رجلٍ بنقدٍ،فإني لا أُبصرُ البيعَ. قال: لا خير فيه، ونهى عنه. “المدونة” 9/ 179.
وقد قال عليه الصلاة والسلام: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ) متفق عليه.فمدار الحكم على المقصد من العقد،وقد قرر الفقهاء أن العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني، خاصةً إذا اعتُضد الفعلُ بمقاصد مدلولٍ عليها بالقرائن كما في صورة التورق المنظم.
وعليه فإننا نرى حرمة التعامل بهذا النوع من العقود؛لأنه من باب التحايل على الربا المحرم،وقد كان عمر بن عبد العزيز رحمه الله يقول في التورق:”أخية الربا”.وذلك لقول النبي عليه الصلاة والسلام:(لا تَرْتَكِبُوا مَا ارْتَكَبَتِ الْيَهُودُ فَتَسْتَحِلُّوا مَحَارِمَ اللَّهِ بِأَدْنَى الْحِيَلِ)”إبطال الحيل” ص47،وقال ابن كثير:إسناده جيد.
لذلك كله يرى المجلسُ حرمةَ التورق المنظم الذي تتعامل به بعض البنوك الإسلامية،وقد صدر بذلك قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي …كما يهيب مجلس الإفتاء بالمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية الالتزام بصيغ الاستثمار والتمويل المشروعة،وتجنُّب الحيل المشبوهة،التزاماً بالضوابط الشرعية التي تُحقِّق مقاصد الشريعة.]
رابعاً:إن الهدف الأساسي للبنوك الإسلامية هو أن تُجنب المسلمين التعامل بالربا، وليس أن تتحايل عليه تحت عناوين خادعة، كما أن البنوك الإسلامية في الأصل هي بنوكٌ استثماريةٌ،وليست بنوكاً للحصول على النقود كما هو الحال في البنوك الربوية، فالواجب على البنوك الإسلامية أن تستخدم المعاملات الحقيقية المشروعة دون اللجوء إلى معاملاتٍ صوريةٍ تؤول إلى كونها تمويلاً محضاً بزيادةٍ ترجع إلى الممول كما ورد في توصية قرار مجمع الرابطة. [إن ممارسة المصارف الإسلامية للتورق المصرفي المنظم سوف تترتب عليه العديد من السلبيات منها:
أنه سيؤدي إلى فقدان المصارف الإسلامية لأساسِ وجودها، وسندِ مشروعيتها، فهي وجدت لمحاربة الربا،ولرفع شعار:”وأحلَّ اللهُ البيعَ وحرَّم الربا ” وبدخولها في التورق المصرفي تقتربُ من العينة التي هي حيلةٌ على الربا.
ومنها:أنه سوف يُبعد هذه المصارف عن تحقيق التنمية الاقتصادية،لأن ممارسة المصارف للتورق المصرفي تجعلها تتاجر في سلعٍ وهميةٍ، وهي مجرد أسماء تنتقل في السجلات، وهي في حقيقتها ليست سلعاً رأسمالية تسهم في الانتاج،ولا هي سلعاً استهلاكية، وإن كانت؛ فهي لا تستخدم من أجل ذلك.
ومنها:أنه سوف يؤدي إلى استغناء المصارف الإسلامية مستقبلاً عن كثيرٍ من صيغ العقود والأدوات الأخرى من المضاربة والاستصناع والسلم،وسوف تكون عملية التورق هي العملية السائدة.
ومنها:أنه سيحول المصارف الإسلامية إلى مؤسساتِ تمويلٍ شخصيٍ تنظر إلى ملاءة الشخص فقط،دون النظر إلى استعمالات النقود المقدمة للعميل] التورق الفقهي وتطبيقاته المصرفية المعاصرة في الفقه الإسلامي ص28-29،
وأخيراً يجب على البنوك الإسلامية أن لا تتعامل بهذا المنتج – التورق المصرفي المنظم -” سيئ السمعة” كما يسميه د. معبد الجارحي في (مقال بعنوان التورق المنظم) لأنه سيؤدى إلى فقدان الثقة في الهوية الاسلامية لهذا البنوك.والحقيقة أن التورق المصرفي المنظم كما يمارس،ليس مجرد منتجٍ سيئِ السمعة،بل هو “منتجٌ ردئٌ” لأن تكلفته المباشرة مرتفعة بالنسبة للسيولة النقدية المستهدفة من ورائه،ولأن تكلفة الفرصة البديلة له باهظةٌ من الناحية الإسلامية،حيث توجد بدائل إسلامية أفضل بكثيرٍ لاستثمار الموارد المالية المصرفية المتاحة ؟
ألم تثبت التجربة المصرفية الاسلامية أن الاعتماد على عقود المشاركة المتناقصة والإجارة والاستصناع والسَّلم، أمكن من توظيف الموارد التمويلية بطرقٍ خاليةٍ من الربا فى قطاعات انتاجية عديدة؟
وكذلك إحياء المضاربة فى مجالات التوظيف الإنتاجى للموارد التمويلية.
يقول د.معبد الجارحي:[إنه عند حدوث الإعسار المؤقت،ومع شيوع التورق المؤسسي، قد يجد المدينُ نفسَه مرغماً على أن يتورق لسداد دينه، وسيرغمه البنكُ على ذلك،لأنه سوف يجد في ذلك فرصةً لزيادة أرباحه.وبالتالي تزيد قيمة الدَّين مقابل زيادة الأجل.وقد يتكرر التورقُ عدة مرات، ويتزايد الدَّينُ في كل مرة ]التورق المنظم ص 27.
لا شك أن الترويج لمنتجٍ مثل التورق لدى بنوكٍ اتخذت لنفسها الصفة الاسلامية،مسألةٌ تخرج عن نطاق الكفاءة المصرفية لهذه البنوك تماماً.إن هذا المنتج الردئ ورواجه يقلب قضية المصرفية الاسلامية رأساً على عقبٍ،إذا أخذنا هذه القضية جدياً.فبدلاً من تنمية النشاط المصرفي بعقودٍ ترتبط مباشرة بتنمية النشاط الانتاجى للمجتمع،مثل المضاربة والمشاركة والاستصناع والسلم والإجارة،سنجد اهتماماً بمنتجٍ مثل التورق يشبع الطلب على النقود، ثم لا ندري لأي شيئٍ أو لأي هدف تطلب هذه النقود تماماً مثل البنوك التقليدية ؟
إن مسؤولية البنوك الاسلامية كما يدافع عنها الحريصون عليها من رجال الفقه والاقتصاد، ليست مجرد تحقيق أعلى معدلاتٍ لتوظيف الموارد المالية المتاحة، ولا هي تحقيق أقصى أرباحٍ ممكنةٍ،وإنما هي تحقيق أعلى معدلاتٍ لتوظيف الموارد المالية بوسائل لا يُشَك ألبتة فى شرعيتها،لأجل خدمة الاهداف الاقتصادية الحقيقية للأمة الاسلامية. انظر بحث”التورق مفهومه وممارساته والآثار الاقتصادية المترتبة على ترويجه من خلال بنوك إسلامية” ص 13،الدكتور عبد الرحمن يسري.
وخلاصة الأمر
أن التورق هو أن يشتري شخصٌ سلعةً إلى أجلٍ ثم يبيعها لغير البائع بأقل مما اشتراها نقداً،ليحصل بذلك على النقد، وهذه المعاملة جائزةٌ عند جمهور أهل العلم.
وأن التورق المصرفي المنظم:هو شراء المستورق سلعةً من الأسواق المحلية أو الدولية بثمنٍ مؤجلٍ يتولى البائع ترتيب بيعها، إما بنفسه أو بتوكيل غيره أو بتواطؤ المستورق مع البائع على ذلك،وذلك بثمنٍ حالٍ أقل غالباً.
وأن الهدف من التورق المصرفي المنظم هو الحصول على النقد،وليست السلعة من مقاصد المشتري،وإنما هي واسطةُ نظريةُ للحصول على النقود وأنه تحايل على تحصيل النقد الحاضر بأكثر منه في الذمة،وهو الربا بعينه.
وأن التورق المصرفي المنظم من خلال تطبيقه العملي في البنوك الإسلامية التي تتعامل به،ما هو إلا حيلةٌ قبيحةٌ على الربا،وقد قال بتحريمه أكثرُ العلماء المعاصرين والمجامع الفقهية.
وأن الهدف الأساسي للبنوك الإسلامية هو أن تُجنب المسلمين التعامل بالربا،وليس أن تتحايل عليه تحت عناوين خادعة.
وأن البنوك الإسلامية في الأصل هي بنوكٌ استثماريةٌ،وليست بنوكاً للحصول على النقود كما هو الحال في البنوك الربوية.
وأن الواجب على البنوك الإسلامية أن تستخدم المعاملات الحقيقية المشروعة دون اللجوء إلى معاملاتٍ صوريةٍ تؤول إلى كونها تمويلاً محضاً بزيادةٍ ترجع إلى الممول.
المكتب العلمي / قسم الفتوى
السبت 16 شعبان 1435 هجرية 14 حزيران 2014