دار الافتاء العراقية الموقع الرسمي
السائل طالب الدكتوراه محمد سعيد يسأل _ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في الحقيقة أنا إمام وخطيب مسجدي كان عامرا تماما وأنا رجل على الكتاب والسنة فمرة حصل لقاء والتقيت شخص من الطائفة الشيعية معمم والحقيقة استغربت أن المصلين فروا جميعا من المسجد وأنا في حيرة وبعد لقاء حصل في مضيف أحد الفضلاء ودار الحوار طلبوا مني فتوى من رجل ثقة والحقيقة ذكرت اسماء كثيرة فاقترح صاحب المضيف التوجه لسماحتكم بالسؤآل وستكون أنت امام الله ونحن سنلتزم بالذي تقول وبارك الله فيك .
أجاب على السؤآل سماحة مفتي جمهورية العراق الشيخ الدكتور مهدي بن احمد الصميدعي ( وفقه الله تعالى ) الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين،ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وإمام النبيين محمد بن عبد الله وآله وصحبه أجمعين والتابعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد : الله يبارك بيكم _ الأصل أَنْ لا يُحمَلَ المسلمُ على التهمة ويُدانَ عليها، بل يُحمَلُ على الصلاح وحُسنِ الظنِّ، وخاصَّةً إذا كان هذا الأخيرُ إمامًا سلفيًّا صادقًا، يدعو إلى التوحيد والسنَّةِ، ويُقيمُ الدِّينَ في نفسه، ويتحلَّى بخُلُق القرآن، فتُحمَلُ أفعالُه وتصرُّفاتُه التي تقترن بها الشبهةُ على مَحْمَلٍ حَسَنٍ إذا وَجَد إخوانُه لذلك مَصرِفًا عن فهم المعنى الذميم عند عدمِ دليلِ إدانَتِه، ما دام أنَّ هذا الإمامَ له جهودٌ حسنةٌ في السنَّة، وله قابليَّةٌ للرجوع إلى الحقِّ والعملِ به إذا ما وَقَع في الخطإ؛ فإنَّ القلوب الطيِّبةَ حين يجيئها الحقُّ وتعلم به تقبله ، وتنبت ـ بحسَبِ حُسنِ عنصرها وطِيبِ أصلها ـ نباتًا حَسَنًا، وتُثمِرُ عملًا صالحًا، كما جاء في قوله تعالى: ﴿وَٱلۡبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخۡرُجُ نَبَاتُهُۥ بِإِذۡنِ رَبِّهِۦ﴾ [الأعراف: ٥٨]…. فإِنْ اجتمع أو تحدَّث ـ لسببٍ أو لآخَرَ ـ وغايته توصيل الحق أو كسب مودة الآخر والنصيحة جازَ ولا عِتابَ عليه إذا كان هو ذميما ووضيعا يعطي نكاية في أهله ومذهبه ، ويظهر بمظهر لايليق بمسلم فهذا مثله كمثل من قال بوصفهم صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «إِذَا عُمِلَتِ الْخَطِيئَةُ فِي الْأَرْضِ كَانَ مَنْ شَهِدَهَا فَكَرِهَهَا ـ وَقَالَ مَرَّةً: أَنْكَرَهَا ـ كَانَ كَمَنْ غَابَ عَنْهَا، وَمَنْ غَابَ عَنْهَا فَرَضِيَهَا كَانَ كَمَنْ شَهِدَهَا …. أخرجه أبو داود في «الملاحم» باب الأمر والنهي (٤٣٤٥) مِنْ حديثِ العُرْس بنِ عَمِيرةَ الكِنْديِّ رضي الله عنه. وحسَّنه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٦٨٩).
فواجب الإعراض عن مَن استبدَّ برأيه ووَقَف موقفَ كِبْرٍ، يردُّ الحقَّ ويحتقر الناسَ ويتجاهلهم، ويتَّخِذُ لنفسه أنصارًا مِنَ المُبطِلِين، يتجاسر بهم على المُحِقِّين، كما هو شأنُ كثيرٍ مِنَ المُخالِفين في وقتِنا هذا؛ فمِثلُ هذه المواقفِ تُفْضي ـ حتمًا ـ إلى آثارٍ غيرِ محمودةِ العواقب، مِنْ تمزيق الصفِّ، وإحداثِ الشرخ والفُرقة، والعزوفِ عن طلب العلم، والتمادي في الباطل، وتسليط أعداء الإسلام ؛ وتنصيبهم على رقاب وذمم المسلمين … يرجع إثمُها وآثارُها السَّيِّئة إلى مَنْ أَحدَثَها وأطالَ عُمُرَها ومَدَّ أَمَدَ فِتنَتِها.
أسأل اللهَ ـ لنا ولكم ـ التوفيقَ والسداد في القول والعمل، والاستقامةَ على المنهج الصَّحيح، والثَّباتَ عليه، والالتزامَ بأحكام الشَّرع وأخلاقه وآدابِه، والاستزادةَ مِنَ العلوم والمعارف المُوصِلة إليهاوبارك الله فيكم .
المكتب العلمي للدراسات والبحوث / قسم الفتوى
الثلاثاء 5 جمادي الأولى 1441 هجرية 31 كانون أول 2019
