عاجل_ اخبار الدار
الرئيسية / الفتاوى / فتوى رقم ( 1198 )

فتوى رقم ( 1198 )

فتوى رقم ( 1198 )
السائلة زهرة النرجس تسأل _ السلام عليكم. انا طبيبة نسائية وتوليد ماحكم استخدام اللولب كمانع حمل هل هو حلال ام حرام وجزاكم الله خيرا .
أجاب على السؤآل سماحة مفتي جمهورية العراق الشيخ الدكتور مهدي بن احمد الصميدعي ( سدده الله تعالى ) الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد _ بارك الله فيكم _ اللولبُ عبارةٌ عن جهازٍ مصنوعٍ مِن البلاستيك، يُوضع داخِلَ الرَّحِمِ لمنعِ الحملِ، وهو معدودٌ مِن وسائلِ منعِ الحمل المؤقَّتةِ الحديثةِ التي تُقابِلُها الوسائلُ المؤقَّتةُ الطبيعيةُ: كالعزل والرضاعة والجماع في أوقاتٍ دوريةٍ مؤقَّتةٍ.
ولا يخفى أنَّ تنظيمَ النسلِ والتباعدَ بين الولاداتِ لتحديد النسل أمرٌ ينافي مَقاصِدَ الشريعة مِن تكثيرِ النسل وعمارةِ الأرضِ وتكثيرِ سَوادِ المسلمين، وقَدْ وَرَدَ الحضُّ على ذلك في السنَّة النبوية فقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ؛ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأُمَمَ»أخرجه أبو داود في «النكاح» باب النهي عن تزويجِ مَن لم يَلِدْ مِن النساء (٢٠٥٠) مِن حديث مَعْقِل بن يسارٍ رضي الله عنه. وأخرجه أحمد (١٣٥٦٩) مِن حديث أنس بن مالكٍ رضي الله عنه بلفظ: «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ، إِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأَنْبِيَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ». والحديث صحَّحه العراقيُّ في «تخريج الإحياء» (٢/ ٥٣)، وابن حجرٍ في «فتح الباري» (٩/ ١٣)، والألبانيُّ في «الإرواء» (٦/ ١٩٥) رقم: (١٧٨٤).ووَرَدَتِ النصوصُ القرآنية مبيِّنةً أنَّ كثرةَ نسلِ الأمَّةِ سببٌ لعِزَّتها وقوَّتها حيثُ امتنَّ اللهُ عزَّ وجلَّ على بني إسرائيل بذلك فقال: ﴿وَجَعَلۡنَٰكُمۡ أَكۡثَرَ نَفِيرًا ٦﴾ [الإسراء]، وقال تعالى ـ فيما قَالَه شعيبٌ عليه السلام لقومِهِ ـ: ﴿وَٱذۡكُرُوٓاْ إِذۡ كُنتُمۡ قَلِيلٗا فَكَثَّرَكُمۡۖ﴾ [الأعراف: ٨٦]، ولا يُعْدَلُ عن هذا الأصلِ المقاصدِيِّ إلَّا عند تَعذُّرِ تحصيله لوجودِ مسوِّغٍ شرعيٍّ.
فإن أَضْحَتْ مسوِّغاتُ تنظيمِ النسل المؤقَّتِ واضحةً بالظهور أو بتقريرٍ طبِّيٍّ يُفْصِحُ عن مرضِ المرأة أو ضعفِ بدنها، أو بتحقُّقِ تضرُّرها بالحمل، أو عجزِها عن تحمُّل الوضعِ؛ حيث يُشكِّل حملُها ـ في الجملة ـ خطرًا على النفس أو ضررًا بالبدن، وقد تعذَّر عليها تناوُلُ حبوبِ منعِ الحمل لعدَمِ جدواها، أو لتحقُّقِ الآثار الجانبية والمخاطر الصحِّيةِ التي لا تتلاءَمُ مع طبيعةِ بدنِها فيحصلُ لها الضررُ مِن جرَّاءِ تناوُلها ( وإنما تقرَّرَتْ أولويةُ الحبوبِ لأنها تعمل على منعِ عملية التبويض مِن جهةٍ، واستخدامُها يحفظ عورةَ المرأة المغلَّظة مِن النظر والمسِّ والملامسة ونحو ذلك ).
فإنَّه يجوزُ ـ والحالُ هذه ـ استعمالُ اللَّوْلَب النحاسيِّ وهُو أَوْلى مِن اللَّوْلَبِ المحتوِي على هُرمُونِ الأُنوثَةِ «البروجِسْتِرُون»، وقد احتَلَّ اللَّولبُ النحاسِيُّ هذه الأَوْلويةَ لأنَّه أَحْوَطُ مِن جَانِبِ مَنْعِه لعمليةِ تلقيحِ البويضة ابتداءً، كما يعملُ مِن جهةٍ أخرى على منعِ تعشيشِ البويضةِ إن تعرَّضَتْ للتلقيح، بينما طريقةُ اللَّولب المحتوي على «البروجسترون» فإنَّه يعملُ على منعِ علوق البويضة الملقَّحة في جدارِ الرَّحِم كي لا تتحوَّل إِلى نُطفةٍ وتَنمُوَ بالأطوار المذكورة في الآية ( في قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمۡ فِي رَيۡبٖ مِّنَ ٱلۡبَعۡثِ فَإِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ ثُمَّ مِنۡ عَلَقَةٖ ثُمَّ مِن مُّضۡغَةٖ مُّخَلَّقَةٖ وَغَيۡرِ مُخَلَّقَةٖ لِّنُبَيِّنَ لَكُمۡۚ وَنُقِرُّ فِي ٱلۡأَرۡحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗى ثُمَّ نُخۡرِجُكُمۡ طِفۡلٗا﴾ [الحج: ٥]، وقولِه تعالى: ﴿وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن سُلَٰلَةٖ مِّن طِينٖ ١٢ ثُمَّ جَعَلۡنَٰهُ نُطۡفَةٗ فِي قَرَارٖ مَّكِينٖ ١٣ ثُمَّ خَلَقۡنَا ٱلنُّطۡفَةَ عَلَقَةٗ فَخَلَقۡنَا ٱلۡعَلَقَةَ مُضۡغَةٗ فَخَلَقۡنَا ٱلۡمُضۡغَةَ عِظَٰمٗا فَكَسَوۡنَا ٱلۡعِظَٰمَ لَحۡمٗا ثُمَّ أَنشَأۡنَٰهُ خَلۡقًا ءَاخَرَۚ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحۡسَنُ ٱلۡخَٰلِقِينَ ١٤﴾ [المؤمنون]. وفي حديث ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم وَهُوَ الصَّادِقُ المَصْدُوقُ قَالَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَيُقَالُ لَهُ: اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ، وَأَجَلَهُ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ». [أخرجه البخاريُّ في «بدء الخَلْق» باب ذكرِ الملائكة (٣٢٠٨)، ومسلمٌ في «القَدَر» (٢/ ١٢٢٠) رقم: (٢٦٤٣)]. فإنَّ هذه الطريقةَ الأخيرةَ تُعَدُّ نوعًا مِن الإجهاض المبكِّر جدًّا يمنعُه المالكيةُ والظاهرِيةُ وبعضُ الشافعية …. القوانين الفقهية» لابن جُزَيٍّ (٢٠٧)، «المحلَّى» لابن حزم (١١/ ٣٠)، «إحياء علوم الدين» للغزَّالي (٢/ ٥١).
حيثُ يَرَوْنَ أنَّ الرحِمَ إذَا قَبَضَ المنيَّ لم يَجُزِ التعرُّضُ له.
علمًا أنَّ هذه الوسائلَ المانعةَ مِن الحملِ لا يجوزُ استخدامُها مؤبَّدًا؛ فإذا عَادَتِ المرأةُ إلى طبيعتِها وسلامةِ بدنِها، أو عُوفِيَتْ مِن مرضِها؛ انْتَفَت بذلك مُسوِّغَاتُ تنظيمِ النسل، وَعَادَ الحكمُ إلى الأصلِ الأَوَّلِ عَمَلًا بقاعدةِ: «إِذَا ضَاقَ الأَمْرُ اتَّسَعَ، وَإِذَا اتَّسَعَ ضَاقَ».
المكتب العلمي للدراسات والبحوث / قسم الفتوى
الثلاثاء 10 شعبان 1440 هجرية 16 نيسان 2019

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، و‏‏‏لحية‏ و‏نص‏‏‏‏

عن admin

x

‎قد يُعجبك أيضاً

فتوى رقم ( 1610) حكم صديق اشترى له سيارة يسدد حقها بالتقسيط .

السائل السيد لقمان _ Loqman Ab Mahal Alzangana يسأل السلام عليكم ورحمت الله اني اسال ...

فتوى رقم ( 1609 ) فطرة الصائم ..

أسئلة كثيرة ترد على موقع دار الافتاء حول موضوع زكاة الفطر .. أجاب على الأسئلة ...

فتوى رقم ( 1608 ) فطرة الصائم ..

السائل أبو طه الظاهري يسأل _ السلام عليكم حضرة المفتي المحترم سؤال هليجوز اخراج الفطرة ...