عاجل_ اخبار الدار
الرئيسية / قسم الاسلاميات / التشبه بقوم غير قومه

التشبه بقوم غير قومه

 

 

 

التشبه بقوم غير قومه

ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله , صلى الله عليه وعلى اله واصحابه ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا . أيها المسلمون: التشبه بالغير حالة تطرأ على النفس البشرية، تنبئ عن ولع هذا المتشبِه بمن تشبه به، ولذلك فإنها في كثير من أحيانها تعتبر ظاهرة غير صحية، إذ إنها تدل على رغبة صاحبها في الخروج عن طبيعته إلى طبيعة غيره الذي يختلف عنه في الخُلُق والخَلْق، ثم يمتد أثرها ليشمل مظهر الفرد والأمة، ثم تبعيتها للغالب. لهذا ولغيره أولت الشريعة هذه القضية اهتماماً بالغاً، وحرصت على محاصرتها في مبادئ نشوئها قبل أن تستفحل لتصبح ظاهرة مرَضِيّة على مستوى الأمة بأسرها.التشبه مرض خطير ذو آثار سيئة على الفرد والأمة ينوء بإحصائها خطبة جمعة، لكن لا بد من الإشارة ولو بالقليل لأخذ الحيطة والحذر وتجنب الوقوع في الكثير.أيها المسلمون: التشبه بالغير في أصله نابع من تفضيل الإنسان هيئة غيره على هيئة نفسه، وقد يكون محموداً، وكثيراً ما يكون مذموماً لا سيما إذا كان تشبُهاً بالمخالف في أصل الخِلقة أو الديانة، إذ ربما اقتضى عدم رضا الفرد أو المجتمع بالهيئة التي خلقها الله عليها، وهو الأمر الذي يتضمن شيئاً من كفران النعمة التي اختص بها الله عز وجل ذلك الفرد أو المجتمع، فالرجل المتشبه بالمرأة، غير راض عن هيئته التي كرمه الله عليها، لينتقل إلى هيئة مغايرة إلى إنسان آخر اختصه الله بخصائص أخرى، وكذلك حينما تتشبه الأمة المسلمة بغيرها من الأمم، فكأنها بذلك تعلن بصراحة أن هيئة تلك الأمة الكافرة خير لها من هيئتها التي كرمها الله جل وعلا بها.التشبه بالغير دليل قوي على الضعف النفسي الداخلي للفرد أو الأمة، وهو دليل على هزيمة نفسية بالغة، والشريعة لا تقبل من المسلمين أن يعلنوا تلك الهزيمة الشنيعة، وأن يعترفوا بها حتى وإن كانت واقعاً. إنّ الاعتراف بالهزيمة وإعلانها على الملأ يزيد الضعيف ضعفاً، ويزيد القوي قوة، ويُمكّن القوي من رقبة الضعيف، بل يتجاوز ذلك إلى الإعلان الصريح بالخضوع والتعظيم لهذا المتشبَه به، فلذا حرصت الشريعة على دفعه بكل شكل. إن العزيز لا يمكن أن يحاكي غيره، فضلاً عن أن يتشبه به، بل إنه ينتظر من غيره أن يحاكيه ويقلده. فالتشبه بالغير ينبعث من نفسية محطمة ذليلة، هذه النفسية أكبر عائق لنهوض صاحبها مادياً ومعنوياً. ولهذا فإن العقلاء من أي أمة من الأمم يأبون أن تُقلِّد شعوبهم عدوهم، بل إنهم يحرصون على تميزهم بتراثهم وتقاليدهم وأزيائهم حتى ولو رأوا أن العدو له تراث وتقاليد وأزياء خير مما هم عليه، وما ذلك إلا لأنهم يدركون الأبعاد النفسية والاجتماعية، بل والسياسية للتبعية الشكلية للعدو. أيها المسلمون: التشبه في المظهر الخارجي يبعث الباطن على الميل والمحبة، وهذا أصل مقرر من طبائع النفس البشرية، وأصله أن الإنسان كلٌ بطبيعته، لا ينفصم جزء منه عن الآخر، فكما أنه إذا مرض منه عضو تأثرت له باقي الأعضاء، فكذلك باطنه وظاهره بينهما ارتباط وثيق، فأعمال الطاعات الظاهرة تزيد في الإيمان القلبي، وأعمال القلوب الباطنة تحرك الجوارح للعمل، وهكذا. وقد أطنب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في تقرير هذا الأصل وبيانه، لأن المشابهة في الزي الظاهر تدعو إلى الموافقة في الهدي الباطن كما دل عليه الشرع والعقل والحس، ولهذا جاءت الشريعة بالمنع من التشبه بالكفار والحيوانات والشياطين والنساء والأعراب. وقديما قيل: “الطيور على أشكالها تقع”، وهذا مثل صحيح، يوافق سنة الله في خلقه، وصدق رسول الله حيث يقول: “من تشبه بقوم فهو منهم” رواه الإمام أحمد وأبو داود وهو صحيح. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “هذا الحديث أقل أحواله أنه يقتضي تحريم التشبه بهم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم، كما في قوله تعالى: (من يتولهم منكم فإنه منهم). وقال رحمه الله أيضاً: “وقد رأينا اليهود والنصارى الذين عاشروا المسلمين هم أقل كفراً من غيرهم، كما رأينا المسلمين الذين أكثروا من معاشرة اليهود والنصارى، هم أقل إيماناً من غيرهم ممن جرد الإسلام”. عباد الله: التشبه بالغير، والولاء لا سيما القلبي أمران متلازمان، والمسلمون مطالبون بالبراءة من الكفار بشتى أنواعهم، قال الله جل وعلا: (لاَ يَتَّخِذِ المُؤْمِنُونَ الكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ المَصِيرُ). وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: “أوثق عرى الإيمان: الموالاة في الله والمعاداة في الله، والحب في الله والبغض في الله عز وجل” رواه الطبراني وهو صحيح. ومن المشاهَد في القديم والحديث أنه ما قصد فرد أو طائفة مشابهة قوم آخرين إلا أصبح له نوع ولاء لهم، وحتى لو لم تقصد المشابهة، فإذا أصبحت ظاهرة متفشية، أورثت هذا الولاء. ومما يُستَملح ذكره في هذا المقام أن دولاً مثل ألمانيا وفرنسا والصين حاربت تفشي الظاهرة الأمريكية بين أبنائها من لغة وهيئات وأشكال درءاً لخطر الولاء لأمريكا وذوبان شخصية أبنائها، ومن المؤسف أن بعض دول الغرب الكافرة أحست بهذا الخطر وعملت على مقاومته أكثر مما عملت دول إسلامية كثيرة. أيُّها الناس، اتقوا الله تعالى، واعمروا دنياكم بالعمل الصالح، واستغلوا أيام أعماركم في طاعة الله عز وجل فليس لك من هذه الدنيا إلا ما كتبه الله لك من العمر طويلا كان أو قصيراً، فعليك أن تشغله بطاعة الله عز وجل والنظر في أعمالك والحمد لله رب العالمين.

الشيــخ ماجدمحمد العجيلي 

2014/3/26

 

 

 

 

عن admin

x

‎قد يُعجبك أيضاً

(( مُجمَلُ اعتِقادِ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ في محبةِ آلِ بَيتِ الرسُولِ الكَريمِ )) .

1- أهلُ السُّنَّةِ يُوجِبونَ مَحبَّةَ أهلِ بَيتِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم، ويجعلون ذلك ...

مفتي الجمهورية هناك أوصاف مهمة في اختيار الصديق الصالح ..

مفتي الجمهورية يطالب بمحاسبة الرادود الذي تجاوز على مقام أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

استنكر سماحة مفتي الجمهورية حجة الاسلام والمسلمين الشيخ الدكتور مهدي بن احمد الصميدعي ممتعضاً ومتأسفاً ...